الفصل التاسع عشر ج2

331 13 1
                                    

أسندت ظهرها على الباب المنغلق وقد غلبتها شهقاتها, فقد طعنتها كلمات دمشق عميقا, يا إلهي لم تكن تتصور يوما أن من سيقول هذه الكلمات يوما لها هي دمشق وقد كانت الوحيدة العالمة بما حدث حقا, تبا لقد عاشت معها تبعاته!!! كيف لها أن تشكك بها هكذا وقد كانت الوحيدة التي شاركتها بكل ما حدث؟!

ارتفعت يدها تضعها على فمها تحاول خنق صرخة أرادت أن تخونها وتخرج كاشفة عن ألمها الذي يعصف بجسدها... جسدها الذي اهتز على أثر شهقاتها والألم الذي يعصف بها محاولا خنقها, أطرقت برأسها وهي تنزلق ببطء حتى أصبحت تجلس على الأرض وقد خذلتها قدماها ولم تعودا بقادرتين على حملها.

الأفكار تدور في رأسها بشدة أصابتها بدوار دون أن تستطيع أن تفهم منها شيئا, وفي الحقيقة هي لا تود أن تفهم يكفيها كل ما سمعته وعلمته هذا اليوم, هي الآن تستطيع أن تودعه دون ندم, استجمعت قوتها بالكاد حتى استطاعت أن تجعل ذاتها تقف على قدميها, وبخطوات مترنحة وعينين لا تريان تحركت متوجهة نحو الفراش الذي أصبح ملجأها الآمن وسط هذه العاصفة, بالكاد استطاعت الوصول إليه لتلقي بجسدها منهارة عليه وتغمض عينيها في نوم خال من الأحلام وبأمنيات ألا يسكنه الكوابيس!

*************

ثمة كلمات لها رؤوس حادة...

تحدث ثقبا في قلبي

يتسرب منه حبك تدريجيا حتى ينتهي!

منقول

تحرك معز من المكان الذي تصنم فيه منذ أن أبصر دمشق التي أُلقِيت خارج الغرفة, بخطوات بطيئة توجه نحو الباب المغلق, بعقل مغيب تقريبا ارتفعت يده ببطء ليضعها على سطح الباب المغلق, تناهى لمسامعه صوت شهقات مرتفعة من خلف الباب, لماذا تبكي؟!

صوت بداخله سخر منه: وما الذي قد يجعلها تفرح و قد سلبتها زواجها وخطيبها؟!

أأشفق عليها؟؟؟ لا...لا يمكن أن يحدث ذلك, إن كنت أنا سلبتها ذلك فهي قد فعلت معي ما هو أسوأ... قد سلبتني حلمي... سلبتني قلبي... سرقت مني إيماني بكل ما يعنيه الحب!! لقد كانت جريمتها في حقي أسوأ بألف مرة مما فعلته أنا!!!

جادله ذلك الصوت اللعين: أنت لم تكن تملك عليها أي حقوق يا رجل... لقد كانت حرة!

لقد مرغت رؤوسنا في الوحل!!! لقد خانتنا جميعا عندما قامت بفعلتها تلك الشنعاء!!!

عاد ذلك الصوت يجادل: لقد أخطأت فقط عندما استسلمت لحبيبها!!! لكنك لا يحق لك محاسبتها هكذا... لا يحق لك أن تحاكمها لألم أنت من جلبه على ذاته, هي لم تعدك بشيء ولم تمنحك شيء!!!

لدى تلك الفكرة موجة من الغضب والألم لفحت قلبه فتصدع أمام عينيه لتنساب منه الدماء مغرقة كل شيء بداخله, ما أصعب هذا العجز الذي يعتمل بداخله!! كيف له أن يود مواساتها في حين أنه يتمنى لو يكسر عنقها؟! كيف له أن يريد ضمها لحمايتها من الألم وفي ذات الوقت يتلهف لكسرها قدر استطاعته؟!

في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن