الفصل الثاني والعشرون

392 12 0
                                    

كان طارق يقطع مساحة مكتبه جيئة وذهابا يحاول تفريغ شحنة الغضب التي أصابته بالجنون منذ أن أبصر أندلس مع أسعد اللعين, بتصرفاته الوقحة التي تجاوزت كل حد... هذا الحية كيف يجرؤ؟!! نفخ طارق في غيظ وهو يتمتم: تلك الغبية المجنونة الوقحة... كيف تجرؤ على الخروج معه ؟! بأي حق تسمح له بأن يتجاوز حدوده هكذا؟! أتظن بأن الأمر لعبة؟! أقسم...

قاطعه صوت متسلي: من هذا الذي تتوعده بكل هذا الغيظ طارق؟! أكاد أشفق عليه!!!

التفت طارق في حدة ينظر لجهة الباب المفتوح ليبصر الرجل الواقف مستندا على إطاره وعلى وجهه معالم التسلية واضحة لا لبس فيها, كان طويل القامة نحيل الجسد وإن كانت عضلاته محددة, ذو وجه مستطيل طويل وفك مربع, يملك أنفا طويلا و عينان رماديتان, وذو شعر بلون بني فاتح, يرتدي ملابس عادية مكونة من بنطال جينز ضيق يعلوه قميص أبيض, ارتفع حاجب طارق في دهشة قائلا: نبراس؟!

اتسعت ابتسامة الرجل وهو يعتدل في وقفته ليخطو خطوة للأمام مغلقا الباب خلفه ثم فرد ذراعيه مستديرا حول نفسه ببطء قائلا بمشاغبة: بشحمه ولحمه!!!

تحرك طارق من جموده ليصبح أمام نبراس في لحظة ليجذبه بين ذراعيه محتضنا إياه بأخوية قائلا بعدما ابتعد: تبا نبراس... متى عدت؟!

ارتفع حاجب نبراس وهو يقول مغيظا: لو كنت أعلم بأنك ستستقبلني بكل هذا الشوق لكنت عدت منذ زمن!

ضربه طارق بقبضته على كتفه وهو يقول: أنت من غاب لأربع أعوام كاملة دون سؤال!

ارتفعت يد نبراس تدلك عنقه في حرج قبل أن يقول: أنت تعلم طارق... القضايا بالانتربول لا تنتهي!

ارتفع حاجب طارق وهو يعلق بسخرية: ألا يوجد هواتف نقالة نبراس أم ماذا؟! ثم ومنذ متى أصبح نبراس مدمن العمل يأخذ إجازات؟!

نظر له نبراس في حنق قائلا: ما بالك أصبحت كوالدتي بالحديث؟!

تنهد طارق بأسى مصطنع: لها الجنة والدتك لأنها تحملت ابنا مثلك!

زفر نبراس قائلا بشرود: إن شاء الله!

لاحظ طارق انقلاب مزاج صديقه دون أن يفهم تحديدا ما الذي حل به ولكنه قال بسرعة يريد إلهاءه عما يفكر به: والآن ما الذي جعل شمسك تشرق لدينا هنا بالمقر؟!

ارتفعت زاوية فم نبراس بابتسامة جانبية قائلا وقد عاد له مرحه: أتيت مشفقا عليك من عملك هذا فأدعوك للغداء على حسابي!

- إذا هيا بنا!

انتظر نبراس حتى أخذ طارق مفاتيحه وهاتفه الجوال قبل أن يسأله وهما يتحركان متجهين للمصعد: إذا كيف حال سيف وزوجتك؟!

اختفى البريق من عيني طارق وقد تذكر ما رآه قبل قليل ليضغط على فكه في غيظ وغضب, لاحظ نبراس ما حل بطارق فانتظر صامتا محترما لصمته قبل أن يجيب طارق بصوت حاول التحكم بنبرته حتى تخرج هادئة إلا أنها قد شابتها بعض الحدة: لقد انفصلت عن أندلس... وأنا الآن متزوج بأخرى!

في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -حيث تعيش القصص. اكتشف الآن