حسنا...
لقد بلغ الطريق بنا نهايته الأخيرة
شكرا لرفقتكِ الأثيرة
شكرا للطفكِ, لاحتمالكِ
لانعطافتكِ المثيرة
شكرا لصبركِ يا أميرة
الآن يفترق الطريق
على مسافته القصيرة
كلٌ سيقطع وحده
صحراء غربته الكبيرة
لـ عبد الرزاق عبد الواحد
بعد أسبوعين:
- أبي!!!
خطوات راكضة أخرجت طارق من بين أفكاره المتمحورة حول ابنته الصغيرة ووالدتها التي استيقظت منذ يومين فقط, حامدا الله على كونهما على طريق العافية دون ضرر إثر ذلك الحريق البشع, اعتدل في جلسته على مقعد الانتظار ملتفتا في ذهول واضح عند سماعه لذلك الصوت المألوف جدا له, ليرى سيف يركض باتجاهه للحظات فقط قبل أن يلقي بثقله كاملا عليه وهو يحتضنه, بادله طارق الاحتضان ببطء وهو يطبع قبلة فوق شعره وعينيه لم تفارقا تلك التي اقتربت نحوه في خطى أظهرت ترددها الشديد, أشعل الشوق نارا في عينيه وهو ينظر لها قبل أن تخفت سريعا وهو يتذكر ما حدث بينهما في آخر مكالمة حدثت... في أكثر لحظة تمنى تفهمها فيها خذلته, وقد كان مجرد خذلانا آخر يقع في آخر قائمة الإساءات الممتدة بينهما ولكنه سيجعله الأخير, لابد وأن يفعل... الله وحده يعلم بأنه لم يعد أحدهما بقادر على احتمال خذلانا آخر, نهض ببطء وهو يحمل سيف بين ذراعيه حتى صار يطل عليها من فوق مستغلا فارق الطول بينهما, ليتمتم بجفاف: أندلس!
توقفت أندلس أمام طارق مباشرة لا تفصل بينهما إلا خطوات بسيطة, رفعت رأسها قليلا لتلاحظ البرود الذي اكتسى نظراته, ومعه عادت مخالب الشك تنهش بداخلها... لماذا أتت إلى هنا؟! كيف انصاعت لذلك الشوق الأهوج بداخلها كي تتغاضى عن كل الأعراف العامة؟! عن حتى غيرتها الشخصية كي تأتي إلى هنا... مستغلة استفاقة زوجته!!! أتراها قد فقدت ما تبقى من عقلها؟! أي حب ذلك الذي يجعلها تفعل كل ذلك؟! أي حب ذاك الذي ينسيها ما ارتكبه في حقها في لحظة غضب؟! ألم يعوض عنها في العشر سنوات التي تلت؟! همس قاتل تردد بداخلها... وهل هناك ما قد يعوض عما حدث؟! ابتلعت ريقها في توتر تحاول ترطيب حلقها الجاف ولكن دون فائدة, وأفكارها المتضادة تجعلها أكثر ارتباكا في داخلها, انزلاق اسمها من بين شفتيه بذلك الجفاف جعلها تجفل من تأملاتها الداخلية لينزلق قناع الهدوء الذي تضعه على وجهها للحظات ليكشف توترها قبل أن تستعيد تماسكها وترسم ابتسامة على شفتيها وإن كانت مهزوزة بعض الشيء وهي تقول بهدوء: مبارك لك استفاقة زو... مريم!
اختنقت بأحرف زوجتك ولم تستطع نطقها وعلمت أن طارق قد لاحظ زلتها بسبب ارتفاع زاوية شفتيه في سخرية منها احترق لها وجهها من الخجل والخزي لكنها لم تخفض نظراتها في تحد لم تعد تدرك أكان موجها لها هي... أم له!
أنت تقرأ
في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -
Storie d'amore"دمارنا يبدأ من الداخل" عبارة تنطبق على النساء والمدن فما من مدينة سقطت إلا وكان السبب أبناء تبرأوا منها وباعوها للغازي وما من امرأة سقطت إلا وكان السبب... رجلا!! أندلس... القاهرة... دمشق ثلاث نساء سقطن في غياهب الألم بسبب رجال لم يحفظوا عهدهم سواء...