أنا العاشق سيء الحظ
لا أستطيع الذهاب إليك
ولا أستطيع الرجوع إليّ
تمرد قلبي عليّ
لـ محمود درويش
اهداء على لسان نبراس
- مـــــــــــــــــريـــــــــــــم!!!
اندفع مخترقا الجمع المذهول أمام الحريق المشتعل بالمنزل دون أن يأبه بمن اصطدم به, تجمد أمام المدخل للحظات وهو يصرخ برعب: أين وحدة الإطفاء؟!
أجاب شخص ما لم يعرف من هو: اتصلنا بها ولكنها لم تأتِ بعد!!!
شعر بيد توضع على ذراعه فالتفت ليجدها امرأة كبيرة في السن شاحبة الوجه وقد اتسخ ببعض السخام على وجنتيها وقد فاح منها رائحة الدخان دلالة على أنها كانت بالمنزل المحترق بالفعل, سعلت قليلا وهي تقول برعب: إنها في الداخل يا ولدي... لم نستطع الوصول إليها وقد سابقتنا النيران!!!
شحب وجهه ولكنه لم ينتظر أكثر, بل انطلق راكضا داخل المنزل دون أن يأبه بالذين نادونه ليعود عن ذلك, دلف إليه واضعا يده على فمه وأنفه حتى يغطيهما معيقا للدخان الأسود قليلا حتى لا يتسلل لرئتيه, ولكن هذا لم يكن كافيا بالطبع, لم يهتم كثيرا وهو يركض صاعدا للدرج المؤدي للطابق العلوي حيث ازدادت الحرارة أكثر فأكثر مما جعله يدرك أنه يقترب من مصدر النيران, دعا الله بداخله ألا تكون غرفتها هي ذاك المصدر, أبعد يده قليلا لينادي بأعلى صوته علها تسمعه وترشده لمكانها, يأس من انتظار ردها سريعا فلم يكن هناك وقت للمماطلة فالمكان كفرن مشتعل, بدأ يفحص الغرف الواحدة تلو الأخرى إلى أن وصل للغرفة في نهاية الرواق, وضع يده على المقبض يريد فتحه ولكنه قاوم... قد كان مغلقا بالمفتاح, سعل قليلا وهو يتراجع للخلف لعدة لخطوات قبل أن يندفع بكل قوته ليصطدم بكتفه بالباب, اتخذ منه الأمر بضع دفعات قوية ودقائق ثمينة حتى استطاع كسر القفل وفتح الباب اللعين, تعثر بخطواته للداخل وهو يسعل شاعرا بالاختناق بسبب الدخان المحيط به, زفر تنهيدة راحة للحظة سرعان ما تحولت لذعر وهو يلحظ تمددها الساكن على الفراش دون أدنى حركة, الرعب تمكن من قلبه وهو يتحرك على أرجل مرتعشة باتجاه الفراش, تمتم لنفسه بحدة يحاول اختراق هذه الموجة من الرعب: ركز نبراس... ركز, ستخرجها حية من هنا... ثق في ذلك!
نفض عنه ذاك الضعف اللحظي الذي اعتراه ثم استرق نظرة سريعة في المكان ليلحظ الغطاء المتكوم عند نهاية الفراش فتوجه نحوه ليحمله ويلقيه حولها يغطيها قبل أن يحملها بين ذراعيه ويعتدل مستقيما حريصا على أن يخفي وجهها بصدره ويغطي ما ظهر منها بالغطاء, وتقدم بخطى مصممة باتجاه الباب دون أن يفكر ولو للحظة بأن المرأة المستلقية بين ذراعيه غائبة عن الوعي – هو يرفض أن تكون أي شيء غير ذلك, فشيئا آخر غير ذلك يعني دماره... يعني موته حتى وهو لازال يتنفس الهواء – هي التي تحمل بين ذراعيها قلبه, صوت انفجار في الطابق السفلي جعله يسرع من خطواته ويهبط الدرج بأسرع ما يستطيع, عبر غرفة الاستقبال لتسقط السرايا المعلقة بالسقف بضجيج وتكسر زجاج تناثر في جميع الاتجاهات, زاد من ضمته لحمله الثمين وهو يسرع يكاد يركض غير آبه بالوجع الذي انتشر بظهره نتيجة شظايا الزجاج التي علقت به, أمتار قليلة فقط ويصبحان خارج المنزل المشتعل في أمان بعيدا عن النيران الملتهبة, انفجار أكثر ضجيجا وقوة جاء من خلفه ليقذفه للأمام في ذات اللحظة التي كان يخطو فيها خارج الباب الأمامي, تفجر الألم بقوة شديدة في ظهره وهو يسقط للأمام ليحاول الاستدارة سريعا فيسقطا عليه بدلا من أن تنال مريم حمل السقطة, كتم زمجرة ألم رغم الدوار الذي سيطر عليه وهو يحاول الاعتدال ولكن مع كل حركة صغيرة كان يزداد به الألم لدرجة جنونية, شعر فجأة بمن يحمل مريم بعيدا متجاهلا مقاومته ليغرق بنوبة سعال شديدة وهو ينادي بصوت مبحوح: مر...يم!!
أنت تقرأ
في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -
Roman d'amour"دمارنا يبدأ من الداخل" عبارة تنطبق على النساء والمدن فما من مدينة سقطت إلا وكان السبب أبناء تبرأوا منها وباعوها للغازي وما من امرأة سقطت إلا وكان السبب... رجلا!! أندلس... القاهرة... دمشق ثلاث نساء سقطن في غياهب الألم بسبب رجال لم يحفظوا عهدهم سواء...