هوانا! ماصنعنا في هوانا؟!
وصرنا في الختام إلى سوانا
نغني للأسى تلك الأغاني
وتبحر في المدامع مقلتانا
نكابر! كل حب صار منفى
لنخفي ما تجلى في سمانا
نسافر في خيالات لننسى
فلا ننسى ولا تُنسِي المكانا
لـ علي النظامي
لطارق وأندلس
ألاتزال أحمقا أسعد؟! تمتم بالسؤال بصوت خفيض وهو يتراجع بظهره ليريحه على ظهر مقعد السيارة معلقا بصره على المبنى الرئيسي لمجموعة شركات الشرقي, ارتفع طرف فمه بابتسامة لا تحمل مرحا وهو يحدق فيه بشرود, لابد أنه كذلك وإلا ما الذي سيأتي به إلى هنا متحججا ببضعة أوراق لم تكن من الأهمية بحيث يحضر بنفسه إلى هنا كي يسلمها لهم؟! وجود أندلس التي أعلنت صراحة له بمقتها له؟!! ألازال يحبها؟! ارتفعت يده تمسد بشرود صدره وتلك الغصة التي تحكم قلبه في قبضتها خير إجابة على مثل هذا السؤال الساذج, ولكن ما الذي سيفيده هذا الحب ولا فرصة واحدة له لكي يعيش؟! لقد انتهى الأمر حتى من قبل أن يبدأ, لينقلب انتقامه عليه فيصير وحده الخاسر... زفر بضيق محاولا تجاهل تلك الأفكار الكئيبة التي تسيطر على رأسه ليفتح الباب استعدادا للترجل من السيارة لكنه لمح خروج جسد أكثر من مألوف له خارج المبنى بخطى بطيئة مرهقة, ما الذي حدث لها لكي تصير هكذا؟! للحظات تمنى لو أنه يستطيع الاقتراب منها... أن يمتلك الحق في أن يطلب منها أن تلقي همومها عليه... لم يكن يدرك كم سيشتاق لفكرة أن يكون على بعد اتصال هاتفي واحد منها إلا عندما خسر الحق في ذلك, تنهد وهو يراها تمر بجوار سيارته دون أن يبدو عليها بأنها قد لاحظتها, لتتوقف عند سيارة وراء السيارة التي خلفه وتركبها منطلقة بها في الاتجاه الآخر, لا يفهم لماذا, لكنه انصاع للدافع الذي جعله يغلق باب سيارته وينطلق خلفها...
*************
جلست قاهرة على المقعد في الحديقة تحدق في الولدين الذين يركضان وراء بعضهما البعض وقد تردد صوت ضحكاتهما في المكان الهادئ دون أن تراهما حقا, شاردة في أفكارها التي تدور حول حال شقيقتها أندلس... حال غير طبيعية... يد ترتعش... صوت يهتز... عينان ترمشان بسرعة وكأنها تمنع الدموع التي تلتمع بهما من خيانتها, جاءتها قبل قليل مع سيف طالبة منها الاهتمام به وانسحبت من أمامها راكضة دون أن تترك لها فرصة للسؤال عما بها, تنهدت بضيق وهي تمسد جبهتها شاعرة ببدايات صداع فيه لتنتفض في مجلسها شاهقة وصوت جاءها من الخلف يسأل متسليا: في ماذا يشرد الجميل؟!
وضعت يدها على قلبها وهي تنظر بعتب لمعز الذي دار حول مقعدها حتى يتخذ المقعد المقابل لها مجلسا له, اتسعت ابتسامته بإغاظة قبل أن تختفي سريعا ويلتمع القلق في عينيه وهو يقول: ما بالها رأسكِ؟!
أنت تقرأ
في ظلال الشرق - ج1 من سلسلة ظلال -
عاطفية"دمارنا يبدأ من الداخل" عبارة تنطبق على النساء والمدن فما من مدينة سقطت إلا وكان السبب أبناء تبرأوا منها وباعوها للغازي وما من امرأة سقطت إلا وكان السبب... رجلا!! أندلس... القاهرة... دمشق ثلاث نساء سقطن في غياهب الألم بسبب رجال لم يحفظوا عهدهم سواء...