مغامرة زبونة المقهى

2.1K 145 82
                                    


الساعة الثانية بعد الظهر، هو وقت يخلو فيه مقهى بوارو من الزبائن عادة، فبعد انتهاء فترة الغداء المزدحمة، و عودة اغلب الموظفين الى أعمالهم، يكون المقهى القابع في الشارع الرئيسي لحيّ بيكا خاليا إلا من موظفيه، هذا اليوم كان أمورو تورو بمفرده فقد استأذنت الآنسة أزوسا لزيارة قريبة لها، على ان تعود قبل الموعد المسائي لإفتتاح المقهى.

وقف امورو خلف المنضدة الرئيسيّة يراجع حسابات المقهى و يخطط لما قد يحتاجونه من مكونات إضافية، الهدوء الذي لف المكان كان مناسبا تماما للتركيز على عمله، لذلك جفل حين وصل إلى مسامعه صوت الجرس المعلق على باب المقهى و الذي يصدر عنه رنين مميز متى ما فُتح الباب.

لوهلة ظن ان أزوسا سان قد عادت ابكر من المتوقع، ولكن من دخلت من الباب كانت زبونة اختارت هذا الوقت غير المعتاد للقدوم.

-أهلا و سهلا!

ارتفع صوت امورو مُرحباً بها، ثم عبر من خلف المنضدة ليقوم بالترحيب بها بشكل لائق و يقودها إلى مقعدها. كان اول ما لاحظه حين امعن النظر إليها، انها ترتدي كمامة طبية، و تخفي عينيها خلف نظارة داكنة، تضع قبعة مخملية يكاد الظل الذي تلقيه على وجهها ان يجعل من يراها يظن انها تتعمد إخفاء ملامحها، و قد يكون ذلك مجرد خوف من التعرض لأشعة شمس الظهيرة الحارقة.

-مارأيك في هذه الطاولة؟ انها قريبة من النافذه و...

-الداخل..جد لي طاولة في الداخل.

قاطعه صوتها الخافت بسبب الكمامة، و هي تشير بإصبعها ناحية الطاولات الموجودة في الركن الخلفي للمقهى، إنصاع امورو لطلب الزبونة، و قادها حيث شاءت، ثم ما لبث ان عاد إليها مع قائمة الطعام وهو يخبرها بصوت عملّي مهذب:

-اخشى ان وقت تقديم وجبة الغداء قد انتهى، يمكنك الاختيار من لائحة الشاي و القهوة او المرطبات، كما يمكنني إعداد وجبة خفيفة ان لم تمانعي الانتظار لبعض الوقت.

انزلت الزبونة كمامتها اخيرا و انتبه انها كانت تلهث بخفوت، هل أتت ركضا الى هنا؟ ام السبب هو الجو الخانق لهذا الصيف؟ وحين نزعت النظارات السوداء و تمكن من رؤية وجهها بوضوح، عرفت انها شابة، ربما تصغره ببضع سنوات، و ان نظرة حذرة كانت تسكن عينيها اللتان أخذتا بتفحص المكان بإرتياب.

- كوب قهوة من فضلك.

جاءه صوتها مجددا، و قد انحنى بأدب بعد ان دون الملاحظة في دفتر صغير يحمله لكتابة طلبات الزبائن.

...

كان يراقبها من مكانه خلف منضدة إعداد الأطعمة، ترفع كوب القهوة بيدين مرتجفتين و تنقل عيناها بتردد ناحية نوافذ المقهى، خبرته الطويلة تخبره بأنها تعاني من خطب ما، وأنها لجأت الى داخل المقهى للإختباء من شي يجهله. بعد فترة قصيرة ذهب ليعيد ملىء كوب قهوتها و وضع صحن يحتوي على قطعة صغيرة من الكعك على الطاولة، فرفعت عينيها نحوه بتساؤل، فهي لم تطلب ذلك.

مُغامرةُ زبونة المقهىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن