شـجرةُ القيقـب

47 4 4
                                    

الفصل السابع

تركها هنالك عند باب المكتبة متجاهالا ما يتفوه به فمها، و طفقَ يمشي نحو باب مجهول ليفتحه مسافرا في الزمن نحو بلادِ القيقـب.

لكنها جرت خلفه و إستطاعت تجاوز ذلك الثقب الفاصل بين البلدين، قائلة:

-" إنتظر.. إنتظر لحظة، لم أنهي كلامي بعد. "

نظر كل منهما إلى الآخر في دهشة و في حيرة من أمرهما، نظر إليها و سألها بجنون مستنكرا الأمرا، لأنه لم يستطع إستعابه:

-" لحظة، هل لحقتي بي عن طريق هذا الباب؟"

أومأت له مبتسمةً.

-" كيف تمكنت من دخول هذا العالم، كيف تمكنت من عبور الباب و الدخول إلى هنا؟"

-"أمسكت المقبض و دفعت الباب، و تبعتك بعدها.. لكن بالمناسبة أين نحن؟"

-" لهذا أسأل كيف إستطعتي اللّحاق بي عبر هذا الباب؟"

-"لماذا نحن هنا! ماذا حصل لنا! أين نحن؟"

-"كندا".

-"كندا؟ بلاد شجر القيقب!"

تكلّمت، بحماس. نظرت في الأرجاء ثم أكملت بحماس أكبر، ما كانت تقوله:

-" حيث هنالك الشفق القطبي؟ هل نحن في بلد أجنبي؟ كم هذا رائع حقا!".

لقد كانت تتجه هنا و هناك و يمنة و شمالا. لقد كانت مندهشة إلى حد لا يوصف، و سعيدة بشكل لا يوصف.

لقد كانت تعيش حلما جميلا على أرض الواقع، حاول إيقافها كثيرا و إعادتها لكنه لم يستطع، لأنها إستمرت في الهروب منه و التّجوال في جميع الإتّجاهات و الأمكنة و محلات الملابس و الهالووين و محلات الكريسماس و بين الباعة المتجولين..

و ذلك المسكين كان يتبعها بصمت، لأن كل محاولاته بادت بالفشل..

-"مدهش لم أعلم أنك تفعل أشياءً كهذه!"

إتّسعت إبتسامتها و هي تكلّمه، لتكمل ما كانت تخبره به:

-"يمكنك هذا حقا! من أنت؟"

هـو بقي ينظر إليهـا في صمتٍ، يتفحّص تقاسيم وجههـا الهادئة، عكس هيجان قلبه.

-"إذ كنا نحن حقا في كندا، و هذا ليس بحلم، و أنه بإمكانك فعل شيء كهذا، لقد إتخذت قراري."

نظر إليه في دهشة، يريد فهـم ما تردفه شفاههـا:

-"مالذي تعنيه؟"

-"لقد حسمت أمري!"

-"مالذي تتحدثين عنه؟"

-" أنا أعتقد أنك العفريت."

بترت كلامها لوهلة، لتقول:

-"أنا أحبك!".

إبتسمت له إبتسامة عريضة دق لها قلبه بشدة، و فتن بها عقله و استسلمت لها روحه.. مـا تكون هذه الفتـاة بحق؟

إتجه بها نحو مدينة الكـِيبيك، إلى حديقة ممتلئ بشجر القيقَـب.

أرضيّتُها مغطات بسجادة تحمل لون الخريف بين طياتها، كانت مغطاة بالأوراق الحمراء و الصفراء المتناثرة هنا و هناك، و سماءها كانت برتقاليّة تحمل لونا مبهجا يفرح القلب..

قالت و قد غمرت السعادة هالتها:

-" أ تعلم, سيدي العفريت؟ إذا أمسكت بورقة القيقب...".

كانت ترفعُ يدها محاولة الحصول على ورقة، لكنّها وجدتهُ أمسك بواحدةٍ بالفعل.

-"هل أمسكت بواحدة؟"

هـي سألتهُ متعجّبة.

-" قم برمييها بسرعة!"

هـي صرخت به قائلةً.

-"لمَ علي فعل ذلك؟"

-" إذا أمسكت بورقة القيقب، ستقع في حب الشخص الذي تمشي معه".

-"هل إخترعتي ذلك للتو؟"

-"لا! لم أفعل ذلك؟ كما أنهم يقولون ستتزوج بحبك الأول إذا أمسكت، بورقة الكرز المتساقطة".

-"قلت أنّك تحبينني!"

-"هل أنت العفريت؟"

-"لا!"

-"لذلك يجب عليك أن ترمي ذلك بعيدا!"

-"لماذا أردتي الإمساك بها؟"

إرتبكت قليلا ثم أجابت بصوت مرح:

-" لأنني أردت أن أمشي مع ذلك الرجل اللطيف هناك عند الشجرة".

__________________________________

ٱلفصـل ٱلْسابع: بلادُ ٱلقيقـب.

تــم.

٤٧٤

٤٧٤

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
قَـلبُ ٱلْـظّلـامْ | K.Tحيث تعيش القصص. اكتشف الآن