( قصة من الماضي ٣ )

2 1 0
                                    

حرر تعويذة بيده اليمنى و أخرى مختلفة باليسرى
إحداهما أعادت جسدها إلى سابق عهده و الأخرى محت ذاكرتها عنه و عن عائلته بالكامل وفي تلك اللحظة فقدت الوعي بين ذراعيه
أمسك بيدها وقبلهما  قبل خديها و جبهتها ثم غادر الغرفة بهدوء
بعد تلك الحادثة أرسلها إلى المدينة و تركها تحت رعاية أحد معارفه و هناك التقت والد فان و قد كان رجلاً طيباً صالحاً ثم تزوجته و وجدت سعادتها في الوقت الذي كان فيه قلب كروس يتمزق من الحزن .....
في ذلك الوقت كان ماث قد أخذ إذن والده برؤية والدته
****
لكن كروس اشترط عليه أن لا يحدثها أو يقترب منها
وافق ماث مجبراً و ذهب إلى المدينة وجلس في المقهى المقابل للفندق الذي كانت والدته تعمل فيه
طلب القهوة و جلس ينظر إليها من خلف الزجاج
إنه هادئ في ظاهره لكن الواقع كان عكس ذلك تماماً
قلبه الرقيق كان يصرخ نعم يصرخ و بشدة إنه يريد أن يقترب منها، أن يتحدث إليها، أن يغرق بين أحضانها، يمسك دموعه بالكاد و الحسرة في بلعومه تخنقه ليس هناك من يمكن أن يساعده في هذه الحالة و بينما يصارع موجات الألم في قلبه كانت قد اتخذ قراره بالصبر و الصمود  فالرجل يجب أن يكون عند كلمته ...
إستمرت هذه الحال لعدة أشهر
يذهب إلى المدينة و يجلس في المقهى بينما ينظر إليها تحوم كالنحلة بينما البسمة على محياها ثم يعود إلى منزله ليجد والده مازال يغرق نفسه في العمل لكي يوقف تفكيره المستمر بها !!!
و في النهاية فهو حائر لا يمكنه أن يقترب من والديه ولو قيد أنملة
فالسور العالي الذي بناه والده حول نفسه كان يمنعه حتى من إلقاء التحية عليه
و وعده كان يبعده عن أمه كبعد السماء عن الأرض...
بدأت الهموم تتراكم على قلبه الصغير فمن جانب القصر بكامله متدهور الحال ومن جانب آخر هو غير قادر على الشكوى من أي أحد و إلى أي أحد ...
فقد شهيته للطعام و بدأ يقضي جل وقته محدقاً بالغابة من نافذة غرفته ، جسده أضحى نحيلاً و صوته أصبح منخفضاً فهو غير قادر على الكلام بصوت عالي أو بالأحرى هو لا يحتاج إلى الحديث إلى أي أحد !!
تفرق إخوته و غادروا القصر و حتى الخدم لم يبقى منهم سوى خادم كروس الشخصي ...
و أحيلت الجنة إلى جحيم........
في يوم ما خرج ماث من القصر تحت أشعة الشمس الحارقة متوجهاً إلى والدته معتزماً أن يلقي بكل الهم الذي على كاهله بجوارها
لكنه أغفل أمر الحر فأصابته ضربة شمس و فقد الوعي في أحد الأزقة القريبة من الفندق الذي تعمل فيه والدته
و بالصدفة كانت والدته مارةً من المكان الذي كان فيه فهرعت لمساعدته و ابقته في منزلها ليرتاح - و قد كان إبن ١٥ سنة -
استفاق وعلى جبينه منشفة مبلولة و بقربه تجلس والدته على كرسي خشبي
جلس بسرعة و بدأ بالاعتذار سريعاً
لكن والدته أبتسمت و أخبرته أن يرتاح
في تلك اللحظة انفجرت كل المشاعر في داخل ماثياس إلى شلال من الدموع
أخذ يبكي و كأنه طفل صغير و بقي هكذا لفترة بينما كانت والدته تربت على رأسه و هي تقول : لا بأس لا بأس ...
بعد ذلك اللقاء الصغير أخذ يزورها بين الفينة و الفينة و يساعدها في كل ما يستطيع
بعدها حملت آزيل بفان و في ذلك الحين كان ماث يستمر بزيارتها
ثم اندلعت الحرب في تلك المنطقة و توفي والد فان خلالها و أُخذ لاحقاً من قبل الساحرة التي كانت تمنع ماث من رؤية أخيه الأصغر و بعد وفاة والده و الساحرة أخذ ماث يبحث عن فان في كل مكان متجاهلاً كل ما كان يحدث في عائلته
و في النهاية وجده محتجزاً في صومعة داخل غابة معزولة ....
كان فان في حينها إبن ١٠ سنوات
جسده الهزيل المتسخ و ملابسه الرثة شعره الطويل و ملامحه المرتعبة كلها أثارت حزناً شديداً و ذعراً لا مفسراً في داخل قلب ماث
توجه نحو الطفل بسرعة و عانقه مهوناً عليه
بينما اجهش الطفل بالبكاء
اثار الكدمات على يديه و جهه تبين جزءً بسيطاً من ما عاناه في رعاية الساحرة
أخذه ماث إلى إحدى المدن حممه ثم قص  شعره لدى أحد الحلاقين و اشترى له ملابس جديدة ثم صحبه معه في رحلته إلى اللامكان و أخذ  يعلمه و يتعلم معه عن الحياة....
و حين كبر فان بدأ يرد المعروف كتابعٍ للنبيل الأخير

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Nov 15, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

النبيل الأخير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن