قدر

101 6 2
                                    

تمسك بهاتفها مراراً ، ثم تضعه من يديها مرغمةً ، ثم تمسكه مجدداً ،ثم ترميه بعيداً ، هكذا تمضي لياليها ، كأن قوة ما تجمع هاتفها بيديها الصغيرتين ،

مرت الليالي ويئست حتى من نفسها ، أمسكت هاتفها دون تراجع ، وأتصلت به ، غلبها الحنين إليه ، وأخذت تلعن هذه اللحظة ندماً ،

إلى أن أجاب : أما أزلت أسكن قلبك ?!

تلعثمت ولم تجد ما يقال ، همست بعد صمتٍ : أردت فقط الإطمئنان

أردف على عجلة من أمره وكأنه وقع ضحية للخوف : لم أنسك يوماً ، ولكني متزوجٌ الآن

شعرت بغصة كبرى وكأنها أعادت نفسها إلى عذاب الماضي وأجابت : لن أُعاود الإتصال بعد اليوم ، سامحني أرجوك ، لن أنساك

كان على الطرف الآخر من هذا العالم اللعين يستمع لها وفي عينيه بداية دموع : ستجدي الرجل الذي يستحق طهر قلبك

قاطعته على عجل : هصصص لا تقل المزيد ، سامحني ، سأرحل

مسح دموعه لكي لا تراه زوجته : نعم فلترحلي من عالمي ولتصنعي لك عالماً جميل كجمالك

أجابته ضاحكةً : عالمي كان أنت وبعد رحيلك قد دُمّر ، بقيت إلى الآن ألفظ أنفاسي الأخيرة ، أما الآن فقد حان اليوم المنتظر .. ودعته والدموع تغسل وجنتيها : الآن سوف أموت ولتعش أنت معها من دون همٍ ، انتبه عليها جيداً ولا تُضعها إن كنت تحبها حقاً ، وداعاً يا عاشقي الأول

هو لم يتوقع منها ردة فعلها هذه ، قال لها : مهلاً ، عن أي موتٍ تتحدثي ?!

أجابته بآخر ما تبقى لها من عمر : الآن سوف أنتحر ، وداعاً يا من كنت يوما حبيباً لقلبي

صرخ بصوتٍ غضب : أجننت ! ، ماذا أصابك ?! ، أرجوكي لا تكوني متهورة وانتظري القدر

أخذت تزيل عن عينيها ما هطل من دموع : قدري كان أنت وحين ذهبت لحق بك ، لم يعد هنالك قدر ، عدني أن تزور قبري وتغني لي أغنيتنا تلك ..

وفجأة قاطع أنفاسها صوت المسدس ، واختفى حسيسها وأنامها القدر عنوة فوق الأرض ونامت وحيدة في القبر إلى آخر العمر

صعق بما سمع وجن جنونه وعاش عمره كئيباً يقضيه بين جدران المنزل تاره وعند قبرها تارة أخرى ، يغني لها خيبة أملها به ..

أحبته فافترقا ، واجتمعا بعد موتها ولكن يفصلهما تراب الأرض  ورخامة القبر

🎉 لقد انتهيت من قراءة قدرٌ إليه تفيض أنفسنا 🎉
قدرٌ إليه تفيض أنفسناحيث تعيش القصص. اكتشف الآن