ggaf60
في إحدى أمسيات تشرين الحزينة، كان الهواء في بغداد ثقيلاً برائحة الغاز والدخان، وممتزجًا بأمل الناس بالتغيير. في قلب ساحة التحرير، حيث كانت الجموع تهتف للوطن وتطالب بحقوقها، كان هناك شاب يدعى ادم، ابن مدينة الكاظمية، في الخامسة والعشرين من عمره، يحمل في قلبه حباً كبيراً للوطن وكرهاً عميقاً للظلم.
كان ادم دائمًا مع صديقه علي، الذي كان أشبه بأخٍ له، نشأوا سويًا، من زقاقٍ إلى آخر، وتقاسموا الأحلام والهموم والخبز اليابس في أيام الحصار. كان علي أكثر هدوءاً من ادم، لكنه لا يتردد حين يشتد الخطر.
في ليلة من ليالي تشرين، خرجوا سويًا إلى التظاهرات.
علي قال:
"ادم، إذا مت، لا تبكي... بس كمل الطريق."
ضحك ادم وضربه على كتفه:
"ما تموت إلا بعدي، إحنا نبقى سوى."
لكن القدر كان له كلام آخر...
في لحظة ما، تقدمت القوات لتفريق المتظاهرين، وبدأت قنابل الغاز تتساقط، تليها طلقات حية. الفوضى عمت المكان، والناس يركضون، يسقطون، ينهضون، يهتفون، يبكون...
وعلي وادم كانوا في الصفوف الأمامية.
وفجأة، رأى ادم قنبلة غاز تنفجر قرب علي. ثم طلقة... في صدره.
ادم ركض إليه، واحتضنه وهو يسقط. دم علي بدأ يتسلل بين أصابع ادم، وعيناه تتشبثان بالسماء.
"ادم..."
"لا تحچي... لا تحچي، أنا وياك، ما أخلي إيدك."
"أوصيك... لا تترك الميدان."
ومات علي بين يد