MAii_MUSTAFA
- Reads 6,492
- Votes 409
- Parts 9
في حياةٍ تمضي بنا بين الوجوه والطرقات، قد لا يولد الحبّ من نظرةٍ خاطفة، ولا من كلمةٍ عابرة، بل قد يُزرع في صمتٍ طويل، ويُسقى بالصبر والمودّة، حتى ينمو بين تفاصيل العِشرة، فيضحى أعظم من كلّ بداياتٍ عابرة.
لم يكن حمزة رجلًا يعرف طريق الهوى، فقد صقلته المسئوليات منذ نعومة أظافره، وجعلته صارمًا لا يلين، يعيش بجدٍّ لا يعرف الهزل، ويخشى أن يبوح بما في داخله من مشاعر. وحين أصرّت أمّه أن يرى الزواج بابًا قد آن أوانه، استسلم للأمر بلا حماسة، ولم يتوقّع أنّ قلبه سينبض يومًا بغير ما اعتاد.
وأمّا زينة، فقد عاشت هادئة بين أهلها، عفيفة الروح، رقيقة الطبع، يطرق الخطّاب بابها مرارًا، فتردّهم برفقٍ دون سببٍ واضح، كأنّ قلبها كان ينتظر إشارة القدر. وحين جاءها حمزة، لم تجد في صمته ولا في شدّته ما يُخيفها؛ بل وجدت في قلبها طمأنينة غامرة، وكأنّ الاستخارة قد دلّتها على نصيبها الحق.
وهكذا بدأت الحكاية... حكاية لم تُبنَ على شغفٍ مفاجئ ولا على قصّة عشقٍ متوهّجة، بل على هوى العِشرة، الذي ينمو مع الأيام، ويُزهر في ظلّ السكن والمودّة والرحمة.