KApo818
في حضرة الظلام الدامس، حيث تختفي النجوم ويذوب القمر في بحر من السواد الحالك، تنسج الأرواح الضائعة قصصها بين أصابع الريح الباردة التي تعصف بأشلاء الزمان، هناك حيث تُدفن الهمسات تحت أكوام التراب المتراكم على قبور النسيان، وحيث تتنفس الجدران بصمت مرعب، كأنها تشهد على دماء لم تجف بعد، وصرخات مكتومة حُبست داخل صدور لم تعرف الراحة يوماً، في ذلك العالم الذي لا يعرف الرحمة، تُحلّق الأشباح بوجوه مشوهة، عيونها خالية من كل نور، تراقبك بكل جوع وسخط، تقترب منك بخطى بطيئة لكن لا رجعة عنها، وفي كل زاوية تختبئ كوابيس تُحاكي أسوأ مخاوفك، تهمس لك بأسرار قديمة تحمل لعنة أزلية، فلا تستغرب أن تجد نفسك فجأة تتحدث بلغة غريبة، أو تسمع صدى أقدام لا تخصك، أو تشعر بلمسة باردة تخترق جلدك، تخطف أنفاسك وتترك في قلبك جرحاً لا يندمل، فأنت هنا في موطن اللاعودة، حيث يغدو الإنسان مجرد ذكرى، والذكرى تتحول إلى سراب يتلاشى في دوامة جنون لا متناهية، كلما حاولت الهروب، تزداد الأصوات، تزداد الظلال، تزداد الأبواب التي تُفتح ولا تُغلق، حتى تحيط بك عتمةٌ لا تجد لها نهاية، وتغدو صرخاتك الأخيرة هي الصوت الوحيد الذي يسمعه هذا العالم القاسي، الذي لا يرحم، والذي يحفظ في ثناياه كل قصة موت لم تُروَ، وكل دمعة لم تُمسح، فكن على استعداد