HidayaHadoo
🕯️ التمهيد: حين أنجبت الأرض سرّها
كان الزمن نائمًا على عتبات الضوء، يتقلّب في صمت، لا شيء يوقظه سوى أنينٌ خافت تسلّل من رحم الغيم، ثم انسكب على التربة في هيئة صرخة.
في أقصى بقاع الأرض، حيث لا يصل الغريب ولا يجرؤ النهار على المبيت، كانت قرية مخبوءة تحت ظلال أشجار تتكلم بلغاتٍ منسية، وتُضيء ليلاً بسراجٍ لا نبع له.
قريةٌ لا تعرف الخرائط، ولا تشبه القرى، بل تشبه حُلُمًا تخشاه العيون إذا أغمضت.
في كوخٍ خشبي عتيق، اشتدّت صيحاتُ امرأةٍ تتلوّى من الألم، وقد احتشدت حولها نساءٌ بأثوابٍ رمادية، لا يُرى لوجوههنّ ملامح، كأنّ الزمن محاها حين وهبن حياتهنّ للقابلة الكبرى.
صوتٌ ما شقّ السكون:
- "أسرعي، الماء! لقد بدأت الأرض تهمس!"
لم تكن صرخة ولادة عاديّة، بل كانت النداء الأول لحدثٍ نُقِش على ألواحٍ قديمة منذ قرون، واختبأ بين السطور كقدرٍ لا يعرف التراجع.
وسط الدم والماء والبخار، وُلدت فتاةٌ بعينين تشبهان الليل حين يُحدّق في نفسه، وهدوءٍ لا يليق بمواليد البشر.
لم تصرخ. لم تبكِ.
لكنّ الأرض اهتزّت تحتها، والرياح هبّت من الجهات الأربع، كأنّ شيئًا قد انبعث كان محرَّمًا.
قالت القابلة الكبرى، وهي تحدّق في الطفلة بعينين شاختا من كثرة الانتظار:
- "لقد وُلدت العلامة... وها قد بدأ كل شيء.