mari58063
- Reads 895
- Votes 148
- Parts 11
لم أكن أهرب من بيت، بل من حياة كاملة.
كلّ شيء تركته خلفي كان مظلماً: الجدران، الصراخ، رائحة الدم، عيون أمي المُطفأة... وصوت أبي حين يترنّح مخمورًا، ممسكًا بالسكين كمن يعزف بها لحن النهاية.
ركضت، لا لأنني أعرف الطريق، بل لأن الأرض ضاقت بي حتى صارت أنفاسي تخونني.
ركضت لأن الليل، مهما طال، لا يملك الحقّ في أن يكون أبدياً.
وفي المحطة الأخيرة، جلست وحدي، بين حقائب لا تخصّني، ووجوه لا تعرفني، أنتظر شيئًا لا اسم له... سوى الأمان.
لم أكن أعلم أنني سأجد بيتًا خلف جدران ملهى، وأن امرأة غريبة ستنقذني بكلمة.
ولا كنت أعلم أن عينين صادفتُهما صدفة، ستعيدان تعريف الحياة لي، كما لو أنني لم أولد من قبل.
هناك، في الزقاق المظلم...
حيث انتهى الليل، بدأت أنا.