2000mahito
في قرية روسية نائية، حيث تتماوج الثلوج على تلال الأرض كبحر أبيض بلا نهاية، عاشت بيانكا، الفتاة الريفية البسيطة، حياةً لم تعرف فيها شيئًا سوى الأرض والهواء البارد والحقول الممتدة. كانت روحها نقية مثل مياه النهر الذي يمر قرب بيتها، لا تطمع في شيء سوى أيام هادئة وصباحات هادئة مع الطيور.
لكن القدر، كما يحدث غالبًا في الروايات التي تحمل صدى التاريخ وصارم الواقع، لم يترك لها خيارًا. ظهر ريكاردو، الكولونيل القوي، رجل طويل القامة، عريض الكتفين، وعيناه السوداوان تتلألأان كليل الشتاء العميق. لم يكن مجرد رجل؛ كان رمزًا للسلطة، صوته القوي وحده يُجبر على الانصياع، وحضوره يزرع الرهبة قبل أن يُسمع أي كلمة.
تزوجها ريكاردو ليس حبًا ولا رغبة، بل لحاجة ماسة: كي تعتني بابنه الوحيد، الصغير ذو الأربع سنوات، الذي فقد والدته فجأة، وترك قلبه هشًا بين الصدمة والحنين. في صمت القصر المهيب، حيث كل زاوية تحكي عن القوة والسيطرة، شعرت بيانكا بثقل العالم على كتفيها، بينما ريكاردو، بوقاره الصارم، لم يكن بحاجة لأن يرفع صوته؛ فكل شيء حولهما كان صدى لإرادته، وكل حركة للطفل الصغير كانت تذكره بالفراغ الذي تركته الأم.