_sua_12
في شتاء بارد، كانت الأرصفة مبللة والأنفاس تتكاثف في الهواء كرذاذ أبيض، حين تقاطعت طرق ثلاثة غرباء تحت ضوء مصباح شارع خافت. كيفن ، الشاب الذي اعتاد المضي في حياته بخطى واثقة، التقى بفتاتين لم تتجاوزا عتبة النضج بعد، نواه وصديقتها، تحملان في نظراتهما مزيجًا من الطيش والرغبة في كسر القواعد.
ذلك اليوم، لم يكن عادياً. الطلب الذي تلّقى لم يكن من النوع الذي يُرفض بسهولة ولا يُقبل دون مسؤولية " شراء الكحول " . ومع أنه امتلك القدرة على تنفيذه، اختار عكس المتوقع. لم يشترِ لهما ما أرادتا، بل عاد بشيء بسيط، طفولي... وآمن. لم يكن هروبًا من الموقف، بل موقفًا بحد ذاته.
الشتاء الذي جمعهم كان قصيرًا، لكن أثره امتد بعيدًا. مضت سنتان، والثلوج تساقطت بعدها مرات كثيرة، والوجوه تغيّرت، وكذلك النظرات. كيفن الآن رجل مختلف، جسده صارم كجدار ملاكمة، وماضيه مدفون تحت طبقات من الجليد.
لكن الجليد لا يدوم.
في إحدى أمسيات النزال، وسط الهتاف والعرق والأنوار الصاخبة، ظهرت مجددًا. نواه، التي كانت يومًا مجرد مراهقة تبحث عن مخرج من مراهقتها، كانت هناك. عيناها تابعتاه، وشيء خفي مرّ بين الزمنين.
وفي الصباح التالي، حين فتح متجره كالمعتاد، وقفت هناك. لم تكن صدفة، بل عودة مدروسة، بداية جديدة لفصل لم يُكتب بعد. لم تعد تلك الفتاة نفس