devineou
- Reads 87,651
- Votes 4,375
- Parts 52
بين جنيد وزينب، برزخٌ لا تدركه الأبصار، مسطورٌ في صميم الهوى، بين شفتين موصدتين.
ليس ماءً يفرق بين بحرين، ولا جدارًا من طين، بل وجيبٌ خفيّ، يهدر بين الأضلاع، كالريح إذا سرت في نايٍ مكسور، وكالدمعة المأسورة في محجر عين.
يرى فيها جنيد نقاءً لم تمسّه فتنةٌ، وهي فيه تبصر الهيبة التي تخضّ أوصالها.
هو على شفير جسدها متوقّدًا، لكنّه يمسك نفسه كمن يكبح فرسًا جموحًا، خشية أن يزلّ به صهوة الهوى فيرديه أسيرًا أو يُرديها.
وهي تخطو إليه خطو المستتر خلف برقع الحياء، تمدّ إليه يديها، ثم لا تجرؤ على المضي حتى منتهاه.
يفصل بينهما برزخ من الخوف والرجفة، من الخفر المستور والهوى المشتعل، من طفلةٍ لم يشتدّ عودها بعد، ورجلٍ يخشى وحش رجولته إن أفلت له العنان.
أيحقّ له أن يغرق فيها، وهو يعلم أنّه لو ذاق قطرةً من بحرها، ما عاد يقدر على الرجوع؟
البرزخ بينهما ليس حدًّا فاصلًا، بل امتحانٌ عظيم: امتحانٌ للرغبة إن كانت صادقة، وللعفّة إن كانت تطيق لهيب الشوق، وللعشق إن كان يليق بأنثى لم تذق بعد كل مواجع الرجال.
فهل يذوبان معًا حتى الفناء... أم يظلّ البرزخ بينهما، لا يُجاسُ حماه؟