وعلى عتبة الحب، يهجم التملك بكل عتاده وجبروته، متسلّلًا إلى القلوب في ثوب العاطفة، ليعيد تشكيل ملامحها على هواه، حتى لا تميّز بين النبض الخالص والقيود المخملية.

قد تخونك الذاكرة؛ تمحو أسماء من مرّوا بك، تذيب ملامحهم، وتغلق أبواب التفاصيل كأنها لم تكن... لكنّ القلب؟ لا يعترف بالنسيان. ففي أعماقه خريطة سرّية لا يقرأها سوى من تركوا أثرًا عميقًا، خريطة تقودك إليهم حتى لو تقاطعت طرقكم كغرباء بلا ماضٍ. يقال إن الكلمات تنطفئ، وإن الأفعال تذوب في غبار الأيام، لكن ما يسكن الروح لا يزول. إنه الإحساس... شاهد أبدي، ينهض من تحت الرماد كلما حاولت أن تُقسم أنك نسيت.

أكتب من السرير بعد إغماءة قصيرة دامت لدقيقة واحدة، العالم يرشحُ بالسواد، و رأس مصاب مثقل بالرصاص. كل شيء كان سريعًا وغير مفهوم، أما قلبي فقد كان مشغولًا بدوارهِ الخاص مثل دقِ طبلٍ متسارع. لا أدري ما الذي حدث ؟! ولا أستطيع تحديده بدقة، كل ما فهمته أنني متعبة، أتعرفُ كيف يكون المرءُ متعبًا ؟ ليس تعبًا عاديًا، ذاك الذي يكفيهِ أن تضعك رأسك على الوسادة وتغطُ في نومٍ عميق، غارقًا بطمأنينةٍ مزيفة ، أرهقنا أولئك المزيفون و النسخ المشوهة من الملائكة...المحبون الأطهار الذي بات الواحد بدعواهم يشك ؛ و الحقيقة أن الحياة أقصر من أن نفكر فيها بإتزان....

كانت تحمل في قلبها هدوءًا خادعًا، تخفي خلفه شظايا الماضي التي ما زالت تؤلمها كلما حاولت التقدّم. لم يكن الحب غريبًا عنها، لكنها عرفت منه الوجع أكثر من الحنان، فعاشت تتجنبه كمن يخاف السقوط مجددًا. ثم جاء جين، لم يتعجّل في الدخول إلى عالمها بل اقترب بصبر، كمن يقرأ كتابًا مهترئ الصفحات برغبة في الفهم لا الحكم. وبين كلمة وأخرى، بين صمتٍ وابتسامة، بدأ يلملم ما تبعثر منها، حتى بدأت تُصدق أن شظايا الماضي لا تمنع النبض، بل تصنع قلبًا يعرف جيدًا كيف يُحب.