GoodILFTYBY
يعتبر الكاتب الدانمركي 'هانس كريستيان أندرسن' (1805-1875) أحد أشهر الكتاب العالميين لروايات الأطفال، ولم يكن هذا الكاتب الموهوب يحب قط أن ينمط على هذه الشاكلة، وتعتبر رواياته المائة والنيّف التي أبدعها خلال حياته عملا خالدا على الرغم من كون البعض يعتبرها قصصا سوداوية ومأساوية و أحيانا عنيفة وغالبا ما يأتي الخلاص فيها بثمن غال، والدليل على شهرة 'هانس كريستيان أندرسن' هو أن له قرّاء ناطقون بأكثر من 100 لغة، حيث نشأ الأطفال يطالعون رواياته جيلا بعد جيل، ففي الصين مثلا أُدْرجت روايته 'بائعة الكبريت' في مقررات اللغة الصينية للمرحلة الابتدائية، كما كان ذلك أيضا عليه الحال خلال ستينيات وسبعينبات القرن الماضي بالمغرب، وكانت رواية بائعة الكبريت تحتل مكانا مميزا في سلسلة اقرأ للمرحوم الأستاذ أحمد بوكماخ التي اتخذتها وزارة التربية الوطنية المغربية آنذاك مقررا رئيسيا في مرحلة الإبتدائي، من أهم أعمال هانس كريستيان أندرسن الخالدة: الملاك، الجرس، الأسرة السعيدة، طفلة عود الثقاب أو بائعة الكبريت، الحورية الصغيرة، الطائرة المغرد، الحذاء الأحمر، أميرة الثلج، قصة أم، الراعي، عقلة الأصبع، فرخ البط القبيح، الإوزات البرية وغيرها.
غير أن قصة بائعة الكبريت تعتبر من أروع القصص العالمية التي ترمز في مغزاها إلى ثلاثية القسوة والرحمة والأمل في بني البشر، فالقسوة نراها مجردة مكشوفة في الرجل الشديد القاسي الذي يتكفل ببائعة الكبريت، وما أكثر القساة في هذا العالم، والإنسانية والرحمة تتجلى بكل مظاهرها في الرجل الطيب الذي يشتري من بائعة الكبريت كل سلعتها ثم يعيدها لها كهدية رأفة ورحمة بها وما أقل الناس الطيبين في هذا العالم والبحث عنهم كالبحث عن إبرة في كومة قش، أما الأمل فيتجلى في أعواد الثقاب التي كلما انطفأ منها عود كانت الصغيرة تشعل عودا آخرا وكأن بها تردد قول الشاعر الطغرائي في لاميته:
أُعَلِّلُ النَّفْسَ بِالآمَالِ أَرْقُبُهَا مَا أَضْيَقَ الْعَيْشَ لَوْلاَ فُسْحَةُ الأَمَلِ