يُقال إن حول الشمس أربع دوائر من النور الخالص، لا تُشرق حقيقتها إلا لمن ذاق مرارة العمى يومًا. الأولى، تولد مع الفجر، تفيض دفئًا ورقة كأنفاس طفل حديث الولادة. الثانية، تشتعل بحمى الحياة، قوة حارقة لا تُبقي على ما تلمس. الثالثة، سكونٌ مطلق، غيابٌ لا يُرى إلا في أعينٍ فقدت قدرة البكاء وغادرتها الدموع. أما الرابعة... فكانت جليدًا ناصعًا، لا ينكسر هذا النقاء الصارم إلا حينما تُلامَس الحقيقة، فتهوي الجدران. وأنا... كنتُ هناك، في مركز اللانهاية، حيث تلاشت الخطوط لتلتقي تلك الدوائر الأربع. لم يعد ثمة ليل ولا نهار، بل بياضٌ كثيف يبتلع الرؤيا والزمن معًا...

اخذت قدماي تجر نفسي إلى حيث تكره، كل يومٍ اقوم بنفس الروتين العقيم، جلست على ذالك الكرسي الخشبي متهالك و بجانبه طاولةٌ بالكاد تسع الكتاب و كوب القهوة الفارغ عليها، مددت ذارعي لأخذ ذالك الكتاب البني من الجلد الصناعي و اخرج قلماً من جيبي و اقلب صفحات الكتاب حتى اكتب " اليوم كان عادياً، كان يوما اخر شعرت فيه بالاجهاد التام، قد اديت صلواتي كلها و ذهبت لعملي و قمت بأعمالي المنزلية و قمت ببعض الرياضة، لكن لماذا رأسي لا يتوقف عن الصراخ بأن لابد و أن هناك من خطب، أو شيئ اخر ينقص حياتي" كانت هذه نهاية الصفحة و لم الحظ هذا حتى آخر كلمة، قلبت الورقة و تابعت الكتابة بقلم الحبر الاسود الذي افتقد غطاءه. اكره أن اكتب يومياتي، اكره أن أعيش تلك المشاعر من النقص و الفراغ كل ليلة فهي تجعلني اشعر كما لو أنني انحدر اقرب لعالم الكائبة المعتم كل ليلة، و مع ذالك فا هي تبدو كصلتي الوحيدة لعالم العقلاء. مستمرة~