لم تكن رسائل تلك التي كتبتها اليك.. كانت جدائل! نبتت من رأس المعنى و طالت..طالت..كنت اشدها بإمضائي الملولب كشريطة ساتان ، اخترعته من اجلك و من أجل ان يليق بقائد حياة مثلك. لم تكن رسائل ...كانت حدائق بابلية و لكنها ليست معلقة... كانت منمقة... صديقتي التي تشاركني الغرفة في المبيت الجامعي كانت تقضي ساعات في البحث عن قلم شفاه يتماشى و لون بشرتها بينما كنت في الضفة الاخرى ابحث لك في المكتبات عن قلم قلب بارع في ترجمة حمرة الشوق و لمعة الكلام.. لم تكن رسائل..كانت حدائق معروضة لعينيك.. كتبت لك مرة على ورق شفاف بحبر اسود ناصع و اسميتها رسالة من تحت الماء حمّلتها شوق البحيرات و دمع الوديان المجاورة. و مرة كتبت لك رسالة طويلة على ورق " القصّاب" الذي يٌلفّ فيه الّلحم و مشتقاته، حدّثتك عن البرد الذي سكن عظامي في غيابك و عن القشعريرة التي تسري في جلدي كلّما ذكروا اسمك أمامي.. اذكر مرة كيف دخلت محلا تجاريا فاعترضتني علبة شوربة احتوت على كل الحروف عدت بها الى البيت كمن يعود بلسان الكون، قضيت الليل الصق الحروف ببعضها و اصنع من الكلمات نصا قابلا للغليان..اتذكر كيف جمعت لك حروف اسمي في كيس صغير و طلبت منك أن تأكله على الغداء؟ كتبت على الفلين و الخشب و الطين و سيقان و الورود و خدودها.. كتبت بالماء على الماء.. بالفحم بالدم باصابع الاكوارال....بخيوط الذهب... بالقطن على السماء... لم تكن رسائل تلك التي بعثتها اليك.. كانت اغماءات منية الفرجاني تونسAll Rights Reserved