( منتهية )
كُل أحلامها تجلَّت في عائلة سعيدة , لكن كُلُّ ما عثرت عليه بين جدران ذلك القصر كان الشَّقاء و الضياع لسبب جهلته و لم تكن تملك الرَّغبة لمعرفته فقد إقتصَّ الحزنُ منها و سيطر على تحرُّكاتها حتى باتت جسداً بلا روح , مأوى بلا أمل , و هجاً بدون نور , فما فائدة ما ملكت من قوَّة و مال طمع فيه العديدون إن كان كلُّ من أحبَّته يوماً قد إندثر بعيداً عنها فتركوها وحيدة مع ذكريات سعيدة إكتفت بتذكيرها بمقدار ما تعانيه اليوم لكن حتماً معاناتها لن تستمر !
بلحظة يأس بعدما عجزت روحها عن العيش بدوَّامة ألم مفرغة وهبت جسدها لبردِ البُحيرة لعلَّ صقيعها يُخدِّرُ آلامها التي تراكمت على قلبها المسكين فيكتم البؤس الذي احتلَّ كيانها .
لوهلة ظنَّت أنها نجحت بالفرار من واقعها المظلم لكن ظنها قد خاب فها هي ذي في دوَّامة أعظم من الأخرى عجزت فيها عن معرفة أبسط الأمور, كإن كانت على قيد الحياة أم أنها في عالم الأموات حيث ستضلُّ روحها تعاني , عجزت عن تمييز الواقع من الخيال , الحقيقة من الكذب !
ظلَّت هكذا لوقت غرقت به في عوالم زرعت الرُّعب بقلبها حتَّى سطع نور القمر كاسراً الدُّجى الذي أحاطها , يريها طريقاً عجزت عن رؤيته سابقاً بسبب بؤسها , طريقٌ بسببه فتحت جروحٌ قديمة بقلبها و قلوب آخرين تمنُّوا و أمِلوا أن تظلَّ أسراره
ابيض كر وحي و كدفئ يداي و قلبٍ نقي
اسود كروحك وبرودة اطرافك و جحود عيناك
لونان مختلفان مهما حاولا ان يصلا لبعض ستكون نتيجتها
اللون الرمادي...
لوناً مختلف عني تماما.. و مختلف عنك
لكن اذ اضفتها لروحك ستكون اضافة بسيطة في ذلك الضجيج و الصخب و السواد الفاحم ،اضافة لن ينتبه لها احد لوجود الاسوء!
لكن اذ اضفتها للوحتي البيضاء النقية، ستفسدها بالكامل..
ابيض كبياض ورقه ، ليأتي و يلطخ ذلك البياض و النقاء بسواده
ليعطيها بدلاً من الاشياء الجميلة النقية مثلها التي تنتظرها بعد ان تلقت عذاباً شديداً في حياتها .. سواد حياته ليحول روحها الجميل الى اللون الرمادي!