لما كان العدل دعامة الأمم الراشدة حرص الإسلام على تأكيد أهمية دور القضاء وخطورة موقعه في الأمة الإسلامية قال تعالى ( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ) النساء 58 وقال صلى الله عليه وسلم ( إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا ) (1) لكن بريق منصب القضاء وعلو قدره جعل النفوس الضعيفة تهفوا إليه لتحوز الشرف والمكانة في الدنيا متغافلة عن عبء القيام بحقه من واجبات العدل فكان في المنصب هلاكها يوم القيامة، فحرص المرء على الشرف بطلب الولايات أشد إهلاكا له من حرصه على المال فإن طلب شرف الدنيا والرفعة فيها والرياسة على الناس والعلو في الأرض أضر على العبد من طلب المال وضرره أعظم والزهد فيه أصعب فإن المال يبذل في طلب الرياسة وطلب الشرف بالولاية خطر جدا وهو في الغالب يمنع خير الآخرة وشرفها وكرامتها وعزها قال تعالى ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا والعاقبة للمتقين )القصص 83 وقل من يحرص على رياسة الدنيا بطلب الولايات فيوفق بل يوكل إلى نفسه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه ( يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيت