هناك أناس يولدون ليعيشوا حياة طبيعية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، يولدون ليجدوا أسرة و عائلة و حياة رتيبة تتخللها بعض المشاكل الصغيرة و المختلفة، يكبرون فيفشلون في شيء أو أكثر بقليل ثم يتجاوزون الموضوع بكل بساطة
يطورون من أنفسهم و تسايرهم الحياة و القدر في ذلك، يحققون بعض الأماني بفخر و ينسون الغير محققة منها بسهولة.
يصلون لمرحلة تأسيس أسرة خاصة بهم فيكون لهم ذلك و تستمر حياتهم على هذا النحو...
هذه الفئة هي الغالبة عالميا و هي ما نسميه (فئة الحياة العادية ) و التي في مقابلها الأناس الغريبون
أصحاب المشاكل الدائمة و الابتلاءات الكاسرة و الأشياء الغير مفهومة.
من ينجحون في شيء و يفشلون في أشياء، من يعاندهم القدر و لا تحبهم الحياة، من يخذلهم القريب و البعيد... إلخ من الاستثناءات
و ليان كانت من الفئة الثانية المختارة بعناية تامة من طرف القدر لتعيش حياة استثنائية بكل المقاييس.
تفاصيل صغيرة، وغير مُهمة، كحُلم أردته دوماً ولم تحصُل عليه، إنقطعت آمالك بمُطالبته مجدداً، كأن روحك أصبحت خالية من شعور التمني. تقف فوق رأسك بومة يأس، تبعث لك الشعور بالظلام، الذي إذا نفد، ستُحاول شرائه بماء العين.
شعور بالغُربة وسط تكدس، كأنك تدور بدوامةٍ ما بمُفردك، فجوة تتعمق بها أكثر، ولا تقدر على إنقاذ نفسك منها، صرخاتك تقبع بداخل أنفاسك. فائض من الدموع يغزو العين برؤية الفرح، وإحساس الهيام بملامح لا تعرف الحُب، برود يقابله حماس، ورغبة بمن ينفُر.
-" و أرنب أنور في منورنا صح؟".
خرجت تلك النبرة الحانقة من ذلك الشاب الذي كان يضع يده على وجنته بملل أثناء استماعه لذلك الحديث، أرشقه الآخر بنظراته المُندهشة وهو يتساءل بجدية:
-" حقاً؟ ذلك هو تعليقك؟".
لوح الآخر بيديه قائلاً بعدم إهتمام وهو يتأهب للذهاب من أمامه:
-" ما أنت مكدرني جنبك فوق الساعة بتهري في كلام خلاصته واضحة، الدنيا طول عمرها بتدينا على دماغنا ومستنيانا نبكي، بس إحنا رجالة، والرجالة بتدوس على أي حد ييجي على حقها.. اختصرني بقى".
ليذهب من أمامه تاركاً إياه ينظر في أثره ببلاهة أثر حديثه، وطريقته التي دوماً ما كانت تختصر مصطلحاته بمصطلحات أخرى مُوازية لها، ولكنها على الأغلب تكون صحيحة! ليتنهد بعمق وهو يلوح برأسه بعدم تصديق منه، حت