نزل القرآن هذه الأوصاف التي أطلقها الله على كتابه، فهو، حسبما وصفه ربُّ العزّة، القرآن الكريم، والقرآن المجيد، والكتاب العزيز، والكتاب المبين، والذكر الحكيم، والذكر المبارك، والصحف المطهّرة، وأحسن القَصص، وأحسن الحديث، والبرهان، والفرقان، والحقّ، والسراج، والبلاغ، إلى آخر هذه الأسماء والأوصاف التي تعبّر عن جلال وعظمة القرآن في ذاته، وعظمة وسموّ الغاية التي لأجلها نزل. فكثرة الأسماء تدلّ على شرف المسمّى، ألا ترى أنّ كثرة أسماء النبيّ (ص) دلّت على علوّ رتبته وسموّ درجته؟ وكذلك كثرة أسماء القرآن دلت على شرفه وفضيلته. {وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النَّحْلِ:44]، {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص:1]. فَالذِّكْرُ هو الْكَلَامُ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ يُذْكَرَ، أَيْ: يُتْلَى وَيُكَرَّرَ، ويفهم ويتدبر، ويعمل بما فيه. والذِّكْرَى: كثرة الذّكر، وهي أبلغ من الذّكر، وقد وصِف القرآن بها: {كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف:2]. فهو إنذار للكافرين، وذكرى للمؤمنين. ولما طلب المشركون الآيات رد الله تعالى عليهم بأن القرآن أعظم الآيات المذكرة به سبحانه وتعالى: {أَوَلَ
116 parts