*** حلم على الرصيف *** قصة قصيرة على أحد أرصفة الحي الراقي تصطف أوانيه الفخارية التي يرصها في طابور طويل بعناية شديدة حتى لا ينكسر أي منها فيعاقبه والده .. كما تصطف بجانبها أمنياته في طابور أطول في انتظار عبورها خط الفقر نحو حياة أفضل .. بينما يتخذ هو مكانه المعهود يلتصق ظهره بعمود الإنارة محتضناً أحد كتبه الدراسية .. فالحياة لم توفر له في الوقت الراهن الخيار بالمذاكرة في المنزل كباقي زملائه .. فوجد نفسه مضطرا لإكمال فروضه المدرسية على الرصيف ..لا يقطع عليه انشغاله سوى نداء أحد المارة من راكبي السيارات له لشراء بعض أوانيه .. أو للسؤال عن أسعارها في أغلب الأحيان .. مع كل نداء يجري ملبيا على أمل أن ينتهي الأمر بشراء الزبون بعضاً من بضاعته المعروضة حتى لا يعود مع والده للمنزل دون تأمين المال اللازم لمعيشة أسرتهما لليوم التالى .. كان قد انتهى للتو من فروضه ككل يوم فجلس كعادته مستندا بظهره للعمود وكأنه يستمد منه بعض الثبات والصمود .. شاردة عيناه زائغة نظراته في فضاء لا نهاية له .. يتنامى أمامه حلمه داخل شرنقة تفكيره المستمر .. يراقبه لحظة بلحظة .. متخيلاً أنه اكتمل وخرج إلى النور .. وقد رأى نفسه طبيبا ناجحاً يتابع مرضاه بشغف ..سعيداً بقدرته على مساعدتهم وتخفيف آلامهم .. ولكن .. انتشله من خضم خياله نداء جديد