ومَا العِشقُ إلّا سقمٌ يدُبُّ في جسدينِ مختلِفين ليجعَلهما روحاً واحدةً، لا يَحتمِل أحدُهما ابتعادِ مهجَة روحِه عنه، كالزهرةِ التي تقتلع من أرضِها، كجُنديّ أُجبِر على القِتال ضد بلدِه، كأمٍ سَلبُوا فلذاتِ كبدِها عنها، كانَا بِعالمينِ مُتضاديْن، الموتُ والحياةُ،الليلُ والنَّهار، الشمسُ والقَمر، لكِن كُل مِنهما يُفكرُ بِحبيبِه،هو يَشتاق لهُ ويرَاه طيفاً في كُل زَوايا غرفتِه المُظلمة، ويَحتاج هُو لِقمره كَي يُضيء ظلمة سمائِه وقلبِه، والآخر يَحتاج شمسَه كي تدُب النُور في روحِه وتُشرق من جَديد، لا سبيلْ للّقاء إلا بتضحيةٍ تقدمُها الشمسُ في سبيلِ التقائِها مع نصفِ روحِها ومكمّلها الآخَر، بكَت وصَرخت واشتَاقت وعتِبت وأخيراً لَم يتبقَ سوى التضحِية في سبيلِ العشقِ والهيامِ والشوقِ، فَضحَّت. أفئِدةٌ ارتَبطَت وَ تكلّلت بالعِشق بِتواصُلٍ غَريب ، لَا الغُرابيّ وَلا البُندقيّ مُهيّأ لِلاعتِراف ، مُحاربةُ المَشاعِر وَ المَزيدِ مِنها ، إلى أن استَسلم البُندقيّ لِصوتِه الدّاخِلي ، وَ دَفن قَلب الغُرابيّ مَعهُ مِن الدّاخل ، وَ من الخَارِج كَغيهَب يَهابُه الجَميع.All Rights Reserved