ميثاقًا غليظًا

أنا المُطلّقة، نذيرُ الشؤمِ على الجميع، مَن تنظر لها المرأة الأخرى وكأنّها ساقطة داعرة تسعى لأخذِ زوجها، ويراها الرجل سهلةُ المنال، ولا تملك ما تخسره فلا حرج من العبثِ معها قليلًا وكأنّها بائعة هوىٰ، أنا النحس، مَن لا يجب عليها حضور حفلاتِ الزفاف أو عقد القران؛ لأن من المُمكن أن تُصاب العروس بلعنتي وتحمل اللقلب ذاته -لقب مُطلّقة- أو أسرق منها عريسها، أو حتى أُخرّب عليها ليلتها نتيجة حقدي، أنا التي لا يجب عليها زيارة المرأة التي وضعت حملها؛ كي لا أقتل جنينها أو أحسده، أنا المرأة التي تركها زوجها لعدم حُبّه لها، أو ليذهب لأخرى، أو حتّى لأنها عاقر فحملت لقب "مُطلّقة" وصار المجتمع ينظر لها نظرة سيئة تُعبِّر عن غباءِ وعقم تفكيره.

ليتني بقيت صغيرة، أذهب لأبي سريعًا هربًا من أمي التي تريد إطعامي الباذلاء وأنا أمقتها، ألهو مع أقراني ببراءة، وأبتسم بسعادة حينما أجد أبي اشترى لي المثلجات والقليل من الدُمىٰ، ليت تِلكَ الليلة الشنيعة لم تأتِ، وليت أمي لم تتركني معه بمفردي وقتها، فها أنا الآن أحمل لقبًا سيئًا لأن ذئبًا بشريًا حلل لذاته تذوّق طفلة بريئة لم يكتمل نموّها بعد، وهلل له المجتمع فرحًا بِمَ فعله، وحملت أنا الذنب وحدي وأصبحت في نظرِ الناس مخطئة وخطيئة.