حاولت مراراً انْ انسى، ولكنْ، يصعب إدراك النسيان مع وجود تِلك الصناديق الصغيرة السحرية المُقفله بِداخلنا. تِلك الصناديق التي تَحتوي كُل ذكرياتنا، حُلوها ومُرها، قَديمها وحَديثها، مَهما بدا لنا نسيانها، تبقى دفينه فِي اعماقنا، محتفظة بأدق التفاصيل، فِي قلبْ ذلك الصندوقْ المحكم الإقفال، والذي لا نملك مفاتيحه بأيدينا، بل أن نشعر بهاَ. قَد يكونْ المفتاح اغنية، نسمعها صدفه، تَفتح صندوق الذكرياتْ، لا تأخذنا الى الماضي، بل تحضر الماضي بتفاصيله حيث نكون. قد يكون المفتاح عطراً، يحاصرنا في مكان ما، يذكرنا بأصحاب العطور ووقتْ وجُودهم، تَغزونا رَائحتهم، تحاصِرنا اصواتُهم ثمّ سرعان ما نجدهم مَاثلين امامنا سالكين اقصر الطُرق مِن مُدن الماضِي المُختلفه الى عاصِمة الحاضِر. قَد تُفتَح صنَاديق الذكرى بسببْ درجة حرارة معينة، يسْتَشعرهَا الجسدْ مع تَغير فُصول السَنة، حِين يَطرق الشِّتاء الابوابْ تَبدأ اجسادنا بالبحث عن اولئك الذين يشعروننا بالدفء.قد تنثر الصناديق محتوياتها حينَ تطأ أقدامنا أماكن مألوفة، لمْ يَتغير بِها شيء، كل شيء حاضرْ ، الاَّ الزمنْ والاشخاص الذين تَخلَّفوا عن الحضورْ. ~~ • سعود السنعوسي(روائي من الكويت ). الدار العربية للعلوم ناشرون.All Rights Reserved