وهو لا يندم على اي قرار اتخذه، لأنه علم تماما ما الذي أوقع نفسه به عندما ركب في آخر قطار مغادر من هذه البلدة الصغيرة للمدينة الكبيرة بالاضواء البراقة المُعمية لأنه علم بأنه قلبه لن يتخطى سونقهوا مهما خاض تجارب مشوقة وعلاقات جديدة، لأنه علم بأنه لن ينسى شبح يديه الدافئة وهي تلمس جميع تفاصيل جسده، علم بأنه لن ينسى لحظاتهم المسروقة خلف الأبواب المغلقة ودورات المياه المدرسية القذرة، علم بأن شفاه سونقهوا البريئة حينذاك سوف تحفر طبعتها بجلده كالحبر. لكنه لم يعلم بأنه سوف يشعر بالحنين له كل مرة يعود فيها لموطنه، بأن رائحة الأعياد والشتاء وكل اغنية حب ساذجة سوف تذكره به.