أنفاس متحشرجة تتخبط تحت قناع حديدي صدئ ثقيل،
قيود مجنزرة من الفولاذ تحيط كاحليه و رسغيه، تقيّد حركته.
أضواء المشاعل البعيدة ترسل انوارها الخافتة الى حجرته الحجرية النتنة الرائحة، بضع خطوات، هي المسافة المسموحة له فيها، يقطعها ذهاباً وإياباً، يفكر، يخطط، يفقد ثباته، يثور ضدّ قيوده، يزأر ملئ حنجرته، يضرب رأسه المقنع بالجدار الحجري، غاضباً هائجاً ضدّ عجزه
حقده ينمو بداخله
نما كبذرة تمددت مع الوقت وتشعّبت
يوسوس غضبه له
سيقتلهم جميعاً
واحداً واحداً
سوف يتفنن بتعذيبهم
سوف يسقيهم من ذات الكاس
(هذا إذا خرجت من هذا الجحيم)
يرد عليه ساخراً ما تبقى من عقله الواعي
( وهل تذكر منذ متى أنت هنا، مدفون بقبو قصرك اللعين؟)
لا، لا يذكر، ولكنّها بكل تأكيد أعوام وأعوام.....
لا تُعد ولا تُحصى
طعامه الجرذان
وشرابه دمائها
قواه خائرة
وروحه هائجة
يغذيها بطوفان حقده الذي ينمو بداخله كالجرثومة، يتآكله، وبذات الوقت يشحنه بطاقة البقاء.....
نعم
سيبقى
سيبقى الى أن يعود اليهم وينتقم منهم.....
واحداً واحدا.......
مالذي سيحل بليام الذي استيقظ ووجد نفسه شريراً في رواية كان قد قرأها من قبل؟
بداية كل شيء
في وسط الظلام فتحت عيناه بصعوبة يبدو عليهما التعب والثقل..أغمضت تلك العينين وفتحت مرة أخرى وأخرى حتى استطاعت أن ترى ضوء خافتًا متبلورًا لايعرف صاحب العينان إذا كان التبلور الذي في عينيه بسبب ثقل جفناه أم إن نظره قد ساء إلى هذه الدرجة..لم يكن نظره سيئاً ابداً من قبل ولكن لماذا يصعب عليه أبقاء جفنيه مفتوحان؟
أغمض عينيه مرة أخرى وشعر أنه يغوص في نوم عميق مريح، أصبح جسده ثقيلاً شيئاً فشيئاً حتى فقد وعيه في الظلام الداكن.. ولكن هل حقا نام نوماً مريحاً؟ هذا غير معقول كيف وهو مصاب بالتهاب الرئة الحاد والذي قد عذبه طيلة عمره، عدا عن الألم المرير الغير محتمل في كل شهيق يأخذه بل وأيضا يستحيل عليه النوم براحة بسبب إنقطاع نفسه بين الحين والآخر والذي يؤدي لاستيقاظه كل بضع دقائق وهذا بحدث طوال الوقت..
حاولت إستعمال أجهزة التنفس ولكن بسبب الفوبيا التي أعانيها من الأجهزة هذه لا أستطيع حتى النوم بشكلً مريح.. حقاً لا أذكر يوماً بعد ذاك الحادث أني نمت بهذه الراحة والسكينة.. هل أنا أحلم الآن؟! لكن أن كان حلماً هذا يعني أني نائم وهذا مستحيل!! إذاً ماهذا الشعور وكأني بين الغيوم طائفاً، أريد.. أن.. يستمر هذا
الرواية نقية..