"الكل صامت... هل هم نيام؟ أم أنهم حيارى مثلي؟ هل هي أنفاس مساجين أم سجانين؟ أستطيع سماع أصوات أنفاسهم من شدّة هدوء هذا المكان، هناك الكثير من الأنفاس... وكلها هادئة، لا أحد متوتر ولا أحد خائف... وكأنهم يعرفون هذا المكان جيدًا... أو أنهم مثلي أنا فحسب، لا أهتم أين أكون ولا يشكل ذلك فرقًا عندي... من يعلم. بعد أن حصلتُ على ذلك الحكم في المحكمة قُطعِت عني كل السبل... ضاق صدري وأقدامي ما عادت تستطيع حمل ذلك الثقل بعد تلك اللحظة، لم أعد أملك الأمل في الخروج... حتى لو امتلكتُ ذلك القدر من التفاؤل، فمجرد رؤية هذا المكان والتعرض لضغطه الخانق والجلوس خلف قضبانه كفيلةٌ بسحق كل شيء بداخلي... ما عاد منّي باقٍ، وما عدتُ أرغب بشيء... وكأنني قارورة ماء جفّت ورُمِيت على قارعة الطريق. إلا أن فِعلها في مثل هذا الوقت مبكرٌ للغاية... أو هذا ما يقوله لي قلبي، لا أدري ما الفرق إن فعلتها الآن أم لاحقًا، لكن تلك النزعة التي لطالما كنتُ أملكها في صغري لا تزال تلاحقني وتخبرني أن ألزم الصبر كعادتها... أن ألزم الصبر حتى أرى الصورة الكاملة.