كسابحٍ يطفو في فضاءٍ خاوٍ لا يُعكر سكونه شيء.. لحن يشابه هذا البهوت، ضوء مستمر في الخبوت، لون يشابه الموت. أهو الآتي الذي لا قرار له؟ أم الماضي الذي لا فرار منه؟ أيُّ زمانٍ هذا الذي لا انطواء له ولا انحناء كأنه الفناء؟ مكان لا يُدرى ما هو، حيث الجمود والهمود، أهو اللاوجود؟ أعمدته متداعية، وسقفه متهالك ينهد كل حين، وسط زمكان هشّ يتصدع أسسه مع كل هفوة وعثرة. أمحتوم علينا أن نبقى عالقون في هذا المنفى أزلاً؟ بحر من الأهوالِ يغرقنا، وعباب إلى دوامته يسحبنا، فمهلاً يا من أقبلتَ إلى هوّة الحكاية! أتهوي بنفسك بيننا ماضيًا إلى الهلاك؟ حذاري إن خبُتت عزيمتك لتَهرُبَ بحثاً عن الخلاص؛ فملاذك الأخير أن تكتفي بلحظات سلام قبل أن تذوق ذل الاستسلام، أن تضمد جراحك بشذرات الحب إذا كوتك نار الحرب، أن تحيا الحياة حتى إن كنت تُلاكَ بين طواحين الموت. فأيادي الردى مطبوعة على صفحاتنا نحن المنبوذون في هوامش الذاكرة. لكننا نحيا، وسنحيا ونطلق سراح أسراب الحمام لتحلق في ظلمة سمائنا.. سنحيا لنسطر تاريخ ملحمتنا بالدماء كي لا يطويها النسيان.
3 parts