آسكاريا| ارضــ المنسيين

حين تظن أن لا مفرّ من لعنتك، وأنك وعرشك ودمك قد كُتب عليكم أن تذوبوا مع غبار الأزمنة في طيّ النسيان...
تتعلّم الاستسلام لفكرة أن كل يومٍ ظلٍّ ليومٍ قبله، وأن الغد محض سراب لا ينتظر أحدًا.

لكن ذلك اليوم لم يشبه ما سبقه.
وقفت هي أمام الكاثيدراليس، والريح الشمالية تعصف بثوبها، تقرّص وجنتيها ببرود قاسٍ، وأنفاسها تتصاعد في الهواء مثل أسراب طيور شاحبة.
أغمضت عينيها لحظة، تستدعي من أعماقها ذرة شجاعة تقيها رعب التتويج.

وعندها فقط... حدث ما لم يكن في الحسبان.
ظهر غريب وسط الصمت، كأنه تشكّل من فراغ الليل. رجل لا تشبه ملامحه ولا ثيابه أي شيء من عالمها، غريب حدّ أن حضوره بدا وكأنه خطأ في نسيج الواقع.

توقّف لحظة، عينيه مغمضتين كمن يتمشّى في حلمٍ بعيد، ثم فتحهما... وفي النظرة الأولى تجمّد قلبها، وكأن القدر كلّه انسكب فيها.

وبعد دقائق قصيرة، اختفى كما جاء. لا أثر، لا صوت، لا ظل.
لكنها كانت تعلم أن شيئًا تغيّر إلى الأبد.
فاللعنة التي حسبتها قدرًا أبديًا بدأت بالتحرّك... ككابوسٍ استيقظ أخيرًا.

✒️ كتبت بقلم لافــيـنـيـا 🥀