في زمنٍ طويت فيه صفحات التاريخ، حيث لم يبقَ من الحضارات سوى رماد، كان البشر ألدّ أعداء أنفسهم. أنهكتهم الصراعات حتى صارت الأرض ملطخة بذكريات الفناء والخسارة. الطبيعة، الصامتة منذ أمد بعيد، قررت أخيراً أن يكون لها كلمة، فهاجت وارتعدت، وأرسلت غضبها كعاصفة تجتاح ما بقي من المدن العظيمة. في النهاية، مات من مات، ونجا من نجا، وتقلصت الأرض الواسعة إلى قارة واحدة، وُلدت من رماد الدمار. هذه القارة لم تكن واحة من السلام، بل انقسمت بين مملكتين عظميين، لكل منهما ملامحها وأطماعها الخاصة. واحدة تعيش في ظلال الغابات الكثيفة، تستمد قوتها من الموارد الخصبة، والأخرى تخترق الصحاري الجافة، عازمة على البقاء بقوة الحديد والنار. وبينما كانت المملكتان تتصارعان، بقيت الصحراء الواسعة في المنتصف، ملجأً للرعاع والمطرودين والمنبوذين، أرضاً لا تعرف السلم ولا تقبل الترويض. كانت الصحراء مساحة لا يحكمها أحد، أرضاً تعجّ باللصوص والهاربين، وحيث لا يُحترم سوى قانون البقاء للأقوى