لطالما رفعت العائلة أكفَّها بالدعاء، متضرعةً إلى السماء أن يبعد الشرَّ عن ديارها، أن تظل طهارتها مصونة، وأقدامها ثابتة على درب الفضيلة. لكن، ماذا لو كان الشرُّ أقرب مما تصوّروا؟ ماذا لو كان متجسِّدًا في صورة إنسان، دمٌ من دمهم، ابنةٌ من صُلبهم، ووصمةٌ يخشون أن تلطّخ بياض الكنيسة التي احتموا بها؟ حجبوها عن العالم، ظنًّا منهم أن العار يُدفن خلف الجدران السميكة، لكن الأقدار لا تُحبُّ الأقفاص، وما يُكبَتُ بالقوة ينفجر كبركانٍ جامح. يد القدر شاءت أن تُعيد ترتيب الأوراق، فتشابكت خيوط مصيرها برجلٍ لم يكن كمَن عرفتهم من قبل؛ غريبُ الأطوار، بلا ماضٍ معروف، بلا هويةٍ تُثبت من يكون. كان أشبه بلغزٍ مشؤوم، سرابٍ يحمل معه رياح الهلاك، أفسد بعثرته المتعمّدة كلَّ ما اجتهدت العائلة في بنائه طيلة أعوام، ليُعيدها إلى نقطة الصفر، حيث لا يقين سوى الفوضى، ولا مستقبل سوى المجهول. هو لم يطرق الأبواب مستأذنًا، بل اقتحم حياتها بدون طلب او دعوة، لم يترك خلفه إلا الخراب. لكن السؤال الأهم... هل كانت ضحيته، أم أنّها كانت شبيهةً له أكثر مما أدركت؟All Rights Reserved