الوصف:
"كان الليلُ ممتدًّا كجرحٍ غائر، والسماء بلا قمر، كأنّها تخلّت عن هذا المكان منذ قرون. في آخر الطريق الترابيّ، الذي لا تؤثّره الرياح ولا تدوسه أقدام الأحياء، وقفت البوابة الحديدية تصدأ ببطء، وتصدر صريرًا كلما تحرّكت بفعلٍ خفيّ. خلفها، كان القصر المتهالك ينهض ككابوسٍ متجمّد، نوافذه محطّمة، وستائره تتحرّك دون نسيم، كأنها تتنفس.
الدخول إلى القصر ليس خيارًا، بل لعنة...
بمجرد أن تطأ قدمك أرضه، تشعر بأنّ الهواء أثقل، كأنّك تنفث الرماد بدل الأوكسجين. الجدران مغطاة بآثار أظافر، ودمٌ قديم جافٌّ يلوّث الأرض كأنها ساحة حرب.
ثمّ...
يبدأ الصوت.
همسات لا تُسمع بالأذن، بل بالعظام.
ضحكات أطفال لا يُرى لهم أثر، تتردد بين الغرف، تتصاعد، ثم تختنق فجأة.
وفي القاعة الكبرى، كانت الجثث.
جثثٌ متكوّمة، بعضها بلا رؤوس، وبعضها تنظر إليك بعينٍ مفتوحةٍ نصف محترقة.
واحدة منها تحرّكت.
لا، لم يكن وهمًا.
أحدهم انتفض من بين الجثث، صوته يشبه احتكاك العظام.
كان فمه مفكوكًا بطريقة بشعة، كأنّ أحدًا مزّقه وهو يصرخ.
وفجأة...
تغلق الأبواب خلفك.
ولا يبقى إلا صوتٌ واحد، همسة من العدم