
منذ طفولتها، عاشت في ظلال الألم، حيث كان والدها مصدر الخوف والوجع بدلًا من أن يكون ملاذها الآمن. كبرت وهي لا تعرف معنى الحضن الدافئ أو كلمة "أحبك"، فقط صفعات قاسية، كلمات جارحة، وصدى صراخ يلاحقها في كوابيسها. ومع مرور السنوات، لم يزدها العمر إلا ثقلًا في قلبها. كانت تظن أن لقائها بعائلة والدها في أرض أجدادها سيكون بمثابة شفاء لروحها، منزلًا يرحب بها ويعوضها عن كل لحظة حزن. لكنها لم تجد إلا وجوهًا متجهمة، وابتسامات زائفة، وسهام سخرية تنغرس في قلبها بلا رحمة. ضحكاتهم لم تكن مجرد أصوات... بل كانت كالسياط تُجلد بها روحها، خاصة حين أطلقوا عليها لقبًا ظل يرن في أذنيها كطعنة متجددة: "المريضة النفسية." كلمة واحدة حطمت ما تبقى من قوتها، خنقتها حتى شعرت وكأن العالم ينهار فوق صدرها. لقد سئمت... سئمت من النظرات التي تراها ككائن هش، مكسور، غير مستقر. سئمت من الأحكام التي تُلقى عليها دون أن يعرفوا شيئًا عن جراحها، سئمت من أن يُحاكمها الجميع على ماضٍ لم تختره. "لقد ألقت الحياة في طريقي جبالًا من العقبات، وكأنها اختبرتني عند كل منعطف، دفعتني إلى الهاوية ثم راقبت لترى إن كنت سأسقط أو أنهض. تحملت الألم حتى صار جزءًا من جلدي، وعانقت المعاناة كأنها ظلي، وتجرعت السخرية حتى كادت تقتل روحي... لكنني لم أنكسر.All Rights Reserved