في مكانٍ حيث الوجوه أقنعة، والحقيقة دفينة تحت أكوامٍ من الكذب، كانت تسير بين جدران جامعتها كما لو أنها تلاحق طيفًا لا يُرى. كل شيء في حياتها كان يبدو عاديًا؛ الكتب، المحاضرات، الأيام التي تتكرر بلا تغيير. لكنها تعلم أن وراء هذا الروتين حطامًا قديمًا تركه الزمن في قلبها، ذكرى شقيقة اختفت دون أثر، وأبٍ يعيش على حافة معركةٍ لا تنتهي. ثم جاء هو. رجلٌ ظهر فجأة، يحمل في حضوره شيئًا غريبًا، شيئًا جعل ماضيها يستيقظ. كان حديثه بسيطًا، نظراته هادئة، لكن في كل كلمة نطق بها كانت هناك نغمة خفية تُشعل الأسئلة. لم يكن ما يبدو عليه، بل كان أشبه بسرٍ يسير على قدمين، كأنه قطعة من لغزٍ لم تستطع حله وفي ليلةٍ لم تكتمل فيها النجوم، وجدت نفسها تجلس بجانبه، تُساق دون خيار إلى عالمٍ لا يشبه عالمها. مكالمةٌ واحدة فتحت بوابةً إلى المجهول، وسرعان ما تحول الطريق إلى مسرحٍ يعج بالخطر. هناك، وسط الظلال وأضواء الشرطة الخافتة، كشف الرجل عن وجهه الحقيقي، أو على الأقل عن جزءٍ صغير منه. لم يكن طالبًا، بل كان صيادًا للأشباح التي تتوارى في العتمة. ومع الوقت، بدأ الماضي يُلاحقها بشكلٍ لم تتوقعه. غموضه جذبها رغم خوفها، وشعرت أنها تنجذب إلى دوامةٍ لن تخرج منها سالمة. وبين المطاردات التي لا تنتهي، وجدت نفسها تحكي له عن أختها الضائAll Rights Reserved