
ي عالمٍ غابت عنه الرحمة، وعمّ فيه الظلم كما يعمّ الليل الموحش الغابات، وُلدت فتاة لا تعرف من الطفولة سوى الألم والخوف والوحدة. لم تكن الوحوش من لحمٍ ومخالب، بل من بشرٍ يتقنون الخداع، يبتسمون وهم يُخفون خلف ابتساماتهم قلوبًا قاسية كالحجارة. كبرت بينهم كزهرةٍ في أرضٍ قاحلة، تُسقى بالدموع بدل الماء. ذاقت الخذلان ممن أحبّت، والظلم ممن وثقت بهم، حتى صارت تعرف أن بعض البشر أشد فتكًا من وحوش الغابات. كانت كل يوم تنهض رغم الانكسار، تُرمّم قلبها بضعفها وتُكمل، مؤمنة أن الله يرى وأن الصبر لا يضيع عنده. ومع مرور الوقت، تغيّرت ملامحها لا بالسنين فقط، بل بالوجع الذي جعل منها امرأةً قوية لا تُهزم. وفي لحظةٍ لم تتوقّعها، جاء عوض الله... جاء على هيئة سكينةٍ تطمئن قلبها، وأشخاصٍ طيّبين يملؤون فراغ الوحدة، وراحةٍ تُغنيها عن كل ما فقدت. عوضها الله عن كل خذلانٍ بصدق، وعن كل دمعةٍ بابتسامة، وعن كل وجعٍ بطمأنينةٍ لا تزول. أدركت أن كل ما مرّت به لم يكن نهاية، بل طريقًا إلى أجمل بداية. فرفعت رأسها للسماء وقالت: > "يا رب، كنتَ تعلم كم انكسرت، وها أنا اليوم أذوق حلاوة عوضك... فسبحانك ما أكرمك حين تجبر القلوب بعد طول وجع." عن قلمي رقية البياتي قصه حقيقيه90٪All Rights Reserved
1 part