كان الليل هادئًا بشكل مريب، والمدينة تغط في سبات بدا وكأنه مؤامرة صامتة تخفي شيئًا أكبر. ارتفعت أنفاسها بخفة وهي تمشي على الرصيف المبلل بعد هطول مطر خفيف. حملت حقيبتها بإحكام، وكأنها تخشى أن يسرقها الظلام الذي كان يتربص عند كل زاوية. توقفت حور أمام باب القصر القديم. كان القصر مهجورًا منذ سنوات، لكنه الآن ينبض بالحياة من جديد بعد أن قررت العائلة المالكة ترميمه. رفعت عينيها لتتفحص التفاصيل المحفورة على الباب، وبدأ شعور غريب يزحف إلى قلبها. هل كان هذا المكان مألوفًا؟ فتحت الباب بهدوء، ليقابلها صوت صرير ثقيل يشبه أنين ماضٍ مدفون. في الداخل، كانت اللوحة تنتظرها، مغطاة بستار أبيض كأنه كفن يحجب أسرارًا لا ترغب بالخروج إلى النور. اقتربت حور بخطوات مترددة، ووضعت أصابعها على الستار لتزيحه. وفي اللحظة التي كشفت فيها اللوحة، شعرت بوخزة باردة تسري في جسدها. كانت العيون المرسومة في اللوحة تحدق بها مباشرة، وكأنها تعرفها. تراجعت خطوة للخلف، وهي تسمع صوتًا خلفها، خافتًا لكنه واضح: "ألم تشتاقي للعودة؟" ...All Rights Reserved