في اللحظة التي بدأ فيها الموسيقى تعزف ببطء، توقفت كل الأصوات من حولي وكأن الكون قد تجمد لحظة واحدة. كانت هي، تقف على بُعد خطوات، وجسدها يتناغم مع الإيقاع كما لو أنه جزء من لحنٍ أبدي. لم تكن مجرد رقصة، بل كانت حديثًا صامتًا بين القلب والروح، حديثًا يترجم ما يعجز اللسان عن قوله.
ثم، مع حركة رشيقة، مدّت يدها نحوه، وبدون كلمات، بدأوا يتحركون معًا، خطواتهما متناسقة كما لو أن الأقدار قد ربطت بينهما بحبل غير مرئي. كان هناك شيء في طريقة إطباق يديه على خصرها، شيء يشبه الأمان، وكأن العالم كله قد اختفى ليتركهما في هذا الفضاء المشحون بالحرارة، الذي لا يتسع إلا لهما.
كنت أراقب، عيني تراقب كل حركة، كل التفاتة. كان قلبها ينبض في تناغم مع الموسيقى، وكان وجهها يعكس النشوة التي لا تُخطئها العين. وعندما التقت عيونها بعينيه، شعرت وكأنهما يتنقلان بين عوالم لا يشاركه فيها أحد. كانت عيناهما تشعان بشيء غريب، مزيج من الارتياح والانسجام الذي لا يمكن لأي أحد أن يفهمه ما لم يكن جزءًا من تلك اللحظة.
ومع كل خطوة يتقدمان بها نحو بعضهما، كانت المسافة بيننا تتسع أكثر. كان قلبي يضرب في صدري كأنما يدق على جدران قلبي المنغلق، وأنا في مكانٍ بعيد، أرى تلك اللحظة التي كانت يومًا حلمًا يتناثر أمامي.