في عالمٍ تسكنه الظلال، حيث تموت الحقيقة على أعتاب الأكاذيب وتُدفن العدالة في زوايا مظلمة من الأرض، يحيا الناس على أطراف الهاوية. هنا، في قلب بغداد، حيث تلتقي الأزقة الضيقة مع ضجيج الحياة اليومية، تتراءى لنا صور من عالم ينهشه الفساد، وتغرق فيه الأرواح في بحر من الألم والخوف. لا شيء يبدو كما هو فكل شارع يروي قصة، وكل نظرة تخفي وراءها ألغازا لم تُحل بعد.
الحرب على الأمل هي لعبة أبدية، يتنافس فيها أولئك الذين يضعون سيوفهم في قلوب الناس دون أن يرف لهم جفن، بينما يظل الكثيرون يختبئون في الظلام يتلمسون طريقهم في هذا العالم العميق من الجريمة والنفاق. يختلط الحلال بالحرام، والصدق بالكذب في معركة غير مرئية، أبطالها هم من تساقطت منهم الأقنعة، وارتسمت على وجوههم ملامح الجرح الدائم.
في هذا المكان الذي تتلاشى فيه الحدود بين الخير والشر، نجد أنفسنا أمام مفترق طرق، حيث قد ينجو البعض من شراك القتلة والمجرمين، لكن لا أحد ينجو من نفسه هنا، في بغداد، حيث تعصف الرياح بكل ما هو ثابت، تُكتب قصص لأولئك الذين يحاولون أن يكتبوا مصيرهم بأنفسهم دون أن يعبأوا بمن يعترض طريقهم.
لكن في هذا العالم المظلم، حيث يُخطط الشر خلف الأبواب المغلقة وتنفجر الأحلام في العيون المحطمة يظل الأمل خيطا رفيعا يلوح في الأفق.
ماذا لو كان البشر يعيشون في غابة معتمة... أشجار عملاقة وأوراق تغطي أي نور قد يصل لهم، أرض موحلة، نيران تأكل أغصان تلك الأشجار
يتغذون على الحقد والدماء ويجيدون قتل بعضهم البعض فقط كحرب حيوانات جامحة ضخمة يأكل فيها الأقوى القوي والضعيف على حد سواء
لا مخالب، لا أنياب وبلا عويل ... فقط صوت إنفجارات واغلفة رصاص ترتمي على الأرض ورائحة بارود تلوث الجو وأجساد تتساقط وتتناثر تماما كما الرماد الذي يزيد من النار حولهم لهيبا
هل يبدو ذلك دراميا؟... حسنا، ذلك ما يحدث الأن وفي الماضي ومستقبلا، سيتناول الإنسان أخاه حيا لو إضطر لذلك لكن الثغرة التي لم يلاحظها الكثير
الأقوى يعيش والضعيف يداس على رأسه والقوي بكل بساطة يتكيف ويكتسب الليونة ليتناسب مع كل الأكواب التي ستضعه بها
عادة ذلك القوي الذي يأتي في المنتصف فلا يقدر على حكم البقية ولا يقدر أحد على إلتهامه يأتي على شكل وحش جامح بلا عقل يحتاج سيدا ليحكمه
وحش ... جندي، عبد حاشية، جيش لديه الكثير من التسميات لكنه يبقى آداة لنيل شيء واحد وهو السلطة
يخضع لنظام وترتيب هرمي وحياة لا تسمح له بتسلق ذلك الهرم
لكن ماذا لو نفضنا الغبار عن الملامح المشوهة للجندي وتجاهلنا الملك الشغوف المرسوم بألوان زيتية عالية الدقة وننجرف بعيدا عن القصص الملحمية للضحايا والضعفاء