في عالمٍ تسكنه الظلال، حيث تموت الحقيقة على أعتاب الأكاذيب وتُدفن العدالة في زوايا مظلمة من الأرض، يحيا الناس على أطراف الهاوية. هنا، في قلب بغداد، حيث تلتقي الأزقة الضيقة مع ضجيج الحياة اليومية، تتراءى لنا صور من عالم ينهشه الفساد، وتغرق فيه الأرواح في بحر من الألم والخوف. لا شيء يبدو كما هو فكل شارع يروي قصة، وكل نظرة تخفي وراءها ألغازا لم تُحل بعد.
الحرب على الأمل هي لعبة أبدية، يتنافس فيها أولئك الذين يضعون سيوفهم في قلوب الناس دون أن يرف لهم جفن، بينما يظل الكثيرون يختبئون في الظلام يتلمسون طريقهم في هذا العالم العميق من الجريمة والنفاق. يختلط الحلال بالحرام، والصدق بالكذب في معركة غير مرئية، أبطالها هم من تساقطت منهم الأقنعة، وارتسمت على وجوههم ملامح الجرح الدائم.
في هذا المكان الذي تتلاشى فيه الحدود بين الخير والشر، نجد أنفسنا أمام مفترق طرق، حيث قد ينجو البعض من شراك القتلة والمجرمين، لكن لا أحد ينجو من نفسه هنا، في بغداد، حيث تعصف الرياح بكل ما هو ثابت، تُكتب قصص لأولئك الذين يحاولون أن يكتبوا مصيرهم بأنفسهم دون أن يعبأوا بمن يعترض طريقهم.
لكن في هذا العالم المظلم، حيث يُخطط الشر خلف الأبواب المغلقة وتنفجر الأحلام في العيون المحطمة يظل الأمل خيطا رفيعا يلوح في الأفق.
زوايا المدن الهادئة، خلف أضواء الشوارع وابتسامات المارة، يعيش رجالٌ لا يراهم أحد حقًا.
رجالٌ لا يرتدون عباءة الأبطال، ولا يلوّحون بسيوفٍ ولا يملكون قوى خارقة،
لكنهم يطاردون الظلّ حيث يسكن الشرّ.
هم المحققون...
جنودٌ صامتون في معركة لا تنتهي مع الجريمة.
يواجهون الليل والدموع والصراخ، ليصنعوا صباحًا آمنًا لغيرهم.
حياتهم سلسلة من الأسئلة، عيونهم تبحث عن الحقيقة وسط ركام الأكاذيب،
وقلوبهم تتقلّب بين قسوة المشهد ولين الرحمة.
إنهم رجال الظلال...
يضحّون براحتهم وحياتهم العائلية أحيانًا، ليحافظوا على عالمٍ يبدو عاديًا في نظر الآخرين.
عالمٍ نائم، يظن أن الأمن هبةٌ سماوية، ولا يدرك أن خلف هذا الهدوء وقوف رجلٍ يسهر،
يتنفس الجريمة ليتنفس الآخرون السلام.