"هل سبق أن شعرت بأنك تقف على حافة عالمك؟ ذلك الشعور بأن خطوة واحدة فقط قد تغيّر كل شيء، أن تنقلك من النور إلى العتمة أو العكس. بالنسبة لي، كان لقاؤها تلك الخطوة. كنت أعيش حياتي كلوحة غير مكتملة؛ ألوان متناثرة، فراغات كثيرة، وضوء خافت لا يكفي لرؤية التفاصيل. حتى جاءت هي."
في تلك الليلة، كانت السماء تتشح بالسواد، كأن النجوم قررت الاختباء من مواجهة الليل. كنت أمشي بلا وجهة، أراقب الوجوه العابرة كعادتي. كنت أبحث عن قصتي القادمة، عن وجه يحمل أسرارًا، عن روح تحمل فوضى تشبهني.
ثم رأيتها.
كانت تقف تحت عمود إنارة، جسدها النحيل مغلف بفستان أسود طويل، وشعرها يتساقط كالشلال على كتفيها. عيناها... تلك العيون الحمراء الغريبة كأنها نافذتان تطلان على جحيم شخصي. لم تكن مجرد فتاة، بل كانت لغزًا حيًا.
رفعت الكاميرا دون تفكير، لكن قبل أن ألتقط الصورة، نظرت إلي مباشرة. نظرة حادة، مشبعة بالثقة والسخرية. تقدمت نحوي بخطوات بطيئة، وكل خطوة كانت تُحدث رجّة في داخلي.
قالت بصوت بارد، لكنه يحمل نبرة مغرية:
"ألا تشعر بالخجل؟ تصوير الغرباء في الظلام؟ أم أن هذا هو شغفك؟"
تلعثمت للحظة، ثم حاولت الرد:
"أحيانًا، الغرباء يكتبون قصصًا أعظم من التي نعيشها."
ابتسمت ابتسامة جانبية، لكنها لم تصل إلى عينيها. ثم اقتربت أكثر، حتى شعرت ب