في ركن الصمت حيثُ الحُروفُ بلا نبضٍ تُخفي الغمام، تُنسجُ الفتاةُ خيوطَ يومٍ رتيبٍ، في ظلالِ الغياب. جامعيةٌ هي، في عتمةِ منزلٍ يُشبهُ الغُرباء، لا يطرقُ أبوابَها اهتمامٌ، ولا يرتمي في حضنها مساء. حتى جاءَ الورقُ، كطيفٍ من غياهبِ السُّكون، تهديدٌ مكتوبٌ، كحرفٍ شاردٍ بين كفوفِ الجنون. لم تُبالي، لم ترمش لها عينٌ، بل أغلقت صفحاتها، لكن الظلامَ كان ينمو في الزوايا، في خفايا السقوف والنوافذ. وفي ليلٍ أسودَ كالدهر، حين نامت كزهرةٍ تَلفها الرياح، شعرت بريشةِ رعبٍ ترفعها، كأنها بين جناحي ملاكٍ مذبوح. فتحت عينيها، كان القمرُ ينادي بصمتٍ، لكنه خجل، وملثمٌ ضخمٌ، كصخرٍ ناطق، يختطفُ الحكايات من نومها. العصابةُ، قلوبٌ سوداءٌ تسرقُ ما وراءَ الزجاج، لكن الخاطفَ كان شظيةً مزدوجة، شُرطيٌّ بوجهين، جاسوسٌ بين نارين، كأنما القدرُ يَخيط من ظله سيفاً. وفي صخبِ الهروب، كان الليلُ يركضُ، وكان الحبُ يتسلل، كعصفورٍ ينزف، يبحثُ عن مأوى بين الدخانِ والرصاص. هكذا بدأ الفجرُ يذوب، والحكايةُ تنزفُ مغامرة، هي والملثمُ، وجهانِ في مرآةٍ مكسورة، تُرى... أيُّ قلبٍ سينتصرُ، وأيُّ عشقٍ سيُحرقُ بالضياع؟ الحقوق محفوظة للكاتبه:ياسمين الحسنAll Rights Reserved
1 part