عنوان الرواية: غموض وغرور: الخائن والشيطانة كان الليل يُلقي عباءته السوداء على الصعيد، كأنما يُخبئ أسراره في قلب العتمة. النجوم تلمع في السماء كدموع حائرة على جريمة ستُكشف في اللحظة الفاصلة. كان "شامل" يقف عند حافة النهر، ساكنًا كطودٍ شامخ، لكن روحه كانت كأمواج متلاطمة، يصارع فيها الغضب والخوف. المياة تحته بدت كمرآةٍ تكشف وجهه المظلم، وكأنها تلومه بصمت. فجأة، انكسر سكون الليل بصوت خطوات وئيدة. التفت شامل بسرعة، وإذا بـ"راجية" تخرج من العتمة، كأن الليل ذاته قد أنجبها لتكون رسوله. وقفت بثبات، وطرحتها السوداء تتمايل خلفها، تزيدها رهبة كأنها شبح عاد لينتقم. قالت بصوتٍ جاف يشبه حفيف أوراق الشجر اليابسة: "ماشي يا شامل، فاكر إن النهر هيخبي عمايلك؟ دا نهر الصعيد، شاف دم أكتر ما شاف مية، وشهادته الليلة ما هتشهد ليك، هتشهد عليك." شامل، رغم ارتجافةٍ لم تظهر إلا في عينيه، قال وهو ينظر لها بنظرة ملؤها التحدي: "وإنتِ، إيه اللي جابك هنا يا راجية؟ مطرحك مش هنا وسط الطين والليل. مطرحك وسط اللي بيصدقوا كذبك ويقولوا آمين لكل كلمة منك!" راجية تقدمت خطوة، وضوء القمر ألقى بظلاله على وجهها، فكشف عن مزيج من الجمال والقسوة. قالت وهي تنظر له نظرة تخترق أعماقه: "اللي جابني هنا، الحق اللي ما بيرجعش غير لما يدوق الظاAll Rights Reserved