نفس في عتمة الجريمة":
الليل خانق... السكون ثقيل كأنه يصرخ، والخطوات المرتجفة تُنذر بأن ما ينتظر خلف الباب ليس سوى الجحيم نفسه. قصرٌ مهيب يبتلع كل من يعبر عتبته، جدرانه كالأفخاخ، تتحدث بلغة لا يسمعها إلا الخائفون.
"طرررق... طرررق.."
صوت الباب يُفتح ببطء، وكأنّه يحكم على الداخلين بالنسيان.
هناك وقفت هي، أنفاسها تتقطع، يدها تضغط حقيبة الإسعافات وكأنها سلاحها الوحيد...
ممرضة أُلقيت في قلب عتمة تجهلها، وسط عالم يرفضها. "أهلاً بيچ،" صوت رجولي منخفض قطع الصمت، كأنه يبتسم بتهديد. رفعت عينيها، لتجد ظلاله ترسم هيبته - طويل، مهيب، يحمل بيده سيجارة أشعلها ببطء قاتل، وكأنه يراقب نبضها يزداد تسارعًا.
"شجاعة... مو؟" قالها بابتسامة ماكرة، وكأنّه يعرف أن هذه ليست شجاعة، بل مصيدة. أغلقت الأبواب خلفها بصوتٍ يشبه قرع الطبول في جنازة، ورائحة الدخان اختلطت برائحة الخوف.
الخطوات تجرّها إلى الداخل، كل زاوية تُخفي أسرارًا، وكل صوتٍ خافت كأنّه ضحكة شيطان. هنا... ليس مكانًا عاديًا. هنا... حيث الظلال لها أعين، والجدران لها آذان. كل نبضة في قلبها تسأل:
هل أخرج؟ هل أهرب؟ أم أنّ الوقت فات؟
ولكن الحقيقة صارت واضحة...
هذا ليس مجرد قصر، بل متاهة. متاهة لا طريق للنجاة منها إلا بخيانة شيء ما: النفس، الروح، أو ربما شيء أكبر.
"نفس في