أبجدية التردد

في عالم مليء بالكلمات التي لا تنتهي، هناك أبجدية أخرى نادراً ما نلاحظها، أبجدية مليئة بالترددات التي لا تجد مكانًا في صفحات الكتب ولا بين أسطر الحوارات اليومية. إنها تلك الكلمات التي تُسكن في القلب قبل اللسان، أفكار تدور في العقل وتخشى أن تجد طريقها إلى النور.

كل حرف من هذه الأبجدية يحمل في طياته صمتًا يتلوه سؤال، وغموضًا يلاحقه قلق. إنها اللغة التي تظل محجوزة داخلنا، تُخشى عواقب الإفصاح عنها، ولكنها في الوقت ذاته تبقى الحاجة للتعبير عنها تزداد. أسئلة لا تُجيب عنها الإجابات التقليدية، ومشاعر لا تجد كلمات قادرة على وصفها.

هكذا، بين هذه الكلمات المفقودة والترددات التي تملأ الفضاء، نقف جميعًا، باحثين عن الإجابة أو الراحة في تصالحنا مع هذا الصمت المعقد. يظل التردد هو الجسر الذي يفصل بين ما نريد قوله وما نخشى قوله، بين الحلم والواقع، بين الذات والمجتمع. في هذه المساحة الضبابية، يبدأ التحدي الحقيقي، هل سنجرؤ على تخطي حاجز التردد، أم سنظل محاصرين في أبجدية لم تُكتب بعد؟