حتى يطوينا العدم

قبل بداية الزمن، قبل أن تنبض أول ذرة بالحياة، كان هناك نور... وظل.

في الأعالي، حيث لا تُقاس المسافات ولا يُحصى الزمن، كانت الجنة تسبح في وهجها الأبدي، ممتلئة بأصداء التسبيح ونور الخلق. هناك وقف ميخائيل، قائد جند السماء، سيفه مشتعلاً بنقاء الطاعة، وقلبه لا يعرف سوى الولاء. وعلى الجانب الآخر، كان هناك لوسيفر، أجمل الملائكة، الذي تلألأت روحه كنجمة الصبح، قبل أن يعصف بها الشك والتمرد. كان أقرب إلى ميخائيل من أي مخلوق آخر، ظلّه الذي لا يفارقه، النور الذي ينعكس فيه، حتى لم يعد يدري أين ينتهي أحدهما ويبدأ الآخر.

لكن ما الذي يُحيل النور إلى ظلام؟ وما الذي يجعل الملاك يهوي؟

في لحظة فاصلة، اهتزت الجنة بنداء لم يُسمع من قبل. تحدٍّ للقدر، رفضٌ للنظام الأزلي، وانكسار في انسجام عدواً.

في تلك الحرب، تقابل الشقيقان، النور والنار، السيف والتمرد. وبدأت قصة ستتردد أصداؤها عبر العوالم، تتغير فيها الوجوه، لكن الصراع يبقى واحدًا: الحرية أم الطاعة؟ الخلاص أم الهلاك؟ أم شيء آخر، لم يُسمح له يومًا بأن يُسمى؟

والآن، بعد عصور من النفي والتيه، يستيقظ لوسيفر مرة أخرى... لكن هذه المرة، ليس في السماء، بل على الأرض، بين البشر. ضعيفًا، مقيدًا، لكن عينيه لا تزالان مشتعلة بشيء لا ينطفئ: العزم، والانتقام، وربما... الأمل. أو