دَاريلان، ذِكرَى ضَريرة.

«لحنٌ من ضَريرة.. جذَب رسامًا أخرسًا.»

دارِيلان، فتاة أُغدِقت بكلّ شيء قد تحلم به فتاة أو أي شخص، مُحاطة بكل أنواع النعيم، كونها الابنة والوريثة الوحيدة لأغنى عائلة في ألمانيا، العائِلة التي اشتهرت بغموضها وأسرار الشائعات التي دارت حولها منذ القِدم.

لكنها كانت مَسلوبة البَصر، شابّة عاشت حياتها في عتمةٍ وظلام سرمديّ، كفيفة عاجزة تُثير شفقة أيّ من يراها.. فقد كانت حسنة الروح والملامح، وللأسف كان بها نقصٌ مُشين لها ولبهائها، وكم كانت عيونها جميلة.. بلون فيرُوزي فاتن لنُدرته، مع هذا حُكم عليها أن تكون مُغمِضة، ترى فقط ذاك الغشاء الأسود، ضريرةً بحِبر أسود على عينيها وحَياتها.

عاشت حياة بلا معنى في نظرها بسبب عجزها، إلى أن جعلتها يد تمسك آلة الكمان، فتتعلم العزف عليه، وتتطور وتختلط بعدها بالناس، فتثبت وجودها حتى لو كانت لا ترى شيئا، فقد كانوا يرونها ويُبهرون بها وبعزفها الشجي الذي يلامس الروح.

أما هو فقد كان رسامًا بسيطًا، غريبًا بعيون الناس من حوله، معزولاً، عاش وحيدًا مع لوحاته التي لا يفهمها أحد، ليحلم ذات مرة بشابة تعزف على الكمان، فيبقى ذاك الحلم وذاك اللحن الشجي محفورًا في ذاكرته ليلوّن شيئًا من عالمه الرماديّ الباهت.